وهي اثنان وخمسون آية وألف وأربعة وستون حرفاً
﴿بسم الله﴾ أي: الذي له الكمال كله ﴿الرحمن﴾ الذي عم العالمين جوده ﴿الرحيم﴾ الذي خص أهل وده بالوقوف عند حدوده. وقوله تعالى:
﴿الحاقة﴾ مبتدأ وقوله تعالى:
﴿ما الحاقة﴾ مبتدأ وخبر، والجملة خبر الأول، والأصل الحاقة ما هي، أي: أي شيء هي تفخيماً لشأنها وتعظيماً لهولها، فوضع الظاهر موضع المضمر لأنه أهول لها. والحاقة الساعة الواجبة الوقوع الثابتة المجيء التي هي آتية لا ريب فيها، أو التي فيها حواق الأمور من البعث والحساب والثواب والعقاب، أو التي تحق فيها الأمور، أي: تعرف على الحقيقة من قولك: لا أحق هذا، أي: لا أعرف حقيقته، جعل الفعل لها وهو لأهلها، وقيل: سميت القيامة بذلك لأنها أحقت لأقوام الجنة ولأقوام النار. وقوله تعالى:
(١٣/١٠٤)
---
﴿وما أدراك﴾ أي: أيّ شيء أعلمك ﴿ما الحاقة﴾ زيادة تعظيم لشأنها، فما الأولى مبتدأ وما بعدها خبره، وما الثانية خبرها في محل المفعول الثاني لأدري يعني: إنك لا علم لك بكنهها ومدى عظمها على أنه من العظم والشدة بحيث لا تبلغه دراية أحد ولا وهمه، والنبي ﷺ كان عالماً بالقيامة ولكن لا علم له بكنهها وصفتها، فقيل له ذلك تفخيماً لشأنها، كأنك لست تعلمها إذ لم تعاينها. وقال يحيى بن سلام: بلغني أن كل شيء في القرآن ﴿وما أدراك﴾ فقد دراه وعلمه، وكل شيء قال: ﴿وما يدريك﴾ فإنه مما لم يعلمه. وقال سفيان بن عيينة: كل شيء قال فيه: ﴿وما أدراك﴾ فإنه أخبر به، وكل شيء قال فيه: ﴿وما يدريك﴾ فإنه لم يخبر به، وقرأ أبو عمرو وشعبة وحمزة والكسائي وابن ذكوان بخلاف عنه بالإمالة، وورش بين اللفظين، والباقون بالفتح.