وأن في قوله تعالى: ﴿وأن﴾ هي المخففة من الثقيلة واسمها محذوف أي: وأنهم وهو معطوف على أنه استمع أي وأوحي إلي أنّ الشأن العظيم. ﴿لو استقاموا على الطريقة﴾ أي: طريقة الإسلام ﴿لأسقيناهم﴾ أي: لجعلنا لهم بما لنا من العظمة ﴿ماء غدقاً﴾ أي: لو آمن هؤلاء الكفار لَوَسّعنا عليهم في الدنيا ولبسطنا لهم في الرزق. وضرب الماء الغدق مثلاً، لأنّ الخير والرزق كله في المطر، كما قال تعالى ﴿ولو أنّ أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم﴾ (الأعراف: ٩٦)
الآية. وقال تعالى: ﴿ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليهم من ربهم لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم﴾ (المائدة: ٦٦)
الآية. وقال تعالى: ﴿ومن يتق الله يجعل له مخرجاً﴾ (الطلاق: ٢)
الآية. وقال تعالى: ﴿استغفروا ربكم إنه كان غفاراً، يرسل السماء عليكم مدراراً﴾ إلى قوله: ﴿ويمددكم بأموال وبنين﴾ (نوح: ١٠ ـ ١٢)
الآية.
﴿لنفتنهم﴾ أي: نعاملهم معاملة المختبر بما لنا من العظمة ﴿فيه﴾ أي: في ذلك الماء الذي تكون عنده أنواع النعم لينكشف حال الشاكر والكافر.
قال الرازي: وهذا بعدما حبس عنهم المطر سنين ا. ه. قال الجلال المحلي: سبع سنين. وقال عمر رضي الله تعالى عنه: أينما كان الماء كان المال، وأينما كان المال كانت الفتنة. وقال الحسن وغيره: كانوا سامعين مطيعين، ففتحت عليهم كنوز كسرى وقيصر ففتنوا بها فوثبوا بإمامهم فقتلوه يعني عثمان رضي الله تعالى عنه. قال البقاعي: ويجوز أن يكون مستعاراً للعلم وأنواع المعارف الناشئة عن العبادات التي هي للنفوس كالنفوس للأبدان، وتكون الفتنة بمعنى التخليص من الهموم والرذائل في الدنيا والنعم في الآخرة من فتنت الذهب، إذا: خلصته من غشه.
(١٣/١٨٧)
---


الصفحة التالية
Icon