﴿وأن﴾ أي: وأوحي إليَّ أنّ ﴿المساجد لله﴾ أي: مختصة بالملك الأعظم والمساجد قيل جمع مسجد بالكسر وهو موضع السجود، وقال الحسن: أراد بها كل البقاع لأنّ الأرض جعلت كلها مسجداً للنبيّ ﷺ يقول: «أينما كنتم فصلوا وأينما صليتم فهو مسجد». وقيل: إنه جمع مسجد بالفتح مراداً به الأعضاء الواردة في الحديث: الجبهة والأنف والركبتان واليدان والقدمان وهو قول سعيد بن المسيب، وابن حبيب.
والمعنى: أنّ هذه الأعضاء أنعم الله تعالى بها عليك فلا تسجد لغيره فتجحد نعمة الله. قال عطاء: مساجدك أعضاؤك التي أمرت بالسجود عليها لا تذللها لغير خالقها، قال ﷺ «أمرت أن أسجد على سبعة أعظم» وذكر الحديث. وقال ﷺ «إذا سجد العبد سجد معه سبعة آراب». قال ابن الأثير: الآراب الأعضاء. وهذا القول اختاره ابن الأنباري. وقيل: بل جمع مسجد وهو مصدر بمعنى السجود ويكون الجمع لاختلاف الأنواع. وقال القرطبي: المراد بها البيوت التي تبنيها أهل الملل للعبادة قال سعيد بن جبير: قالت الجنّ: كيف لنا أن نأتي المساجد ونشهد معك الصلاة ونحن ناؤون عنك؟ فنزلت ﴿وأنّ المساجد لله﴾ أي: بنيت لذكر الله تعالى وطاعته. وقال ابن عباس: المساجد هنا مكة التي هي القبلة وسميت مكة مساجد لأنّ كل أحد يسجد إليها.
قال القرطبي: والقول بأنها البيوت المبنية للعبادة أظهر الأقوال إن شاء الله تعالى وهو مروي عن ابن عباس، وإضافة المساجد إلى الله تعالى إضافة تشريف وتكريم وخص منها المسجد العتيق بالذكر فقال تعالى ﴿وطهر بيتي﴾ (الحج: ٢٦)
(١٣/١٨٩)
---