وقوله تعالى: ﴿والرجز﴾ فسره النبيّ ﷺ بالأوثان ﴿فاهجر﴾ أي: دم على هجره. وقيل: الزاي فيه منقلبة من السين والعرب تعاقب بين السين والزاي لقرب مخرجيهما دليل هذا التأويل قوله تعالى: ﴿فاجتنبوا الرجس من الأوثان﴾ (الحج: ٣٠)
وروي عن ابن عباس أنّ معناه: اترك المآثم، وقرأ حفص بضم الراء والباقون بكسرها، وهما لغتان ومعناهما واحد، وقال أبو العالية: الرجز بضم الراء الصنم وبالكسر النجاسة والمعصية، وقال الضحاك: يعني الشرك. وقال الكلبي: يعني العذاب. قال البغويّ: ومجاز الآية اهجر ما أوجب لك العذاب من الأعمال.
وقوله تعالى: ﴿ولا تمنن تستكثر﴾ مرفوع منصوب المحل على الحال أي: لا تعط مستكثراً رائياً لما تعطيه كثيراً واجعله خالصاً لله تعالى ولا تطلب عوضاً أصلاً، ومعنى تستكثر أي: طالباً للكثرة كارهاً أن ينقص المال بسبب العطاء، فيكون الاستكثار هنا عبارة عن طلب العوض كيف كان ليكون عطاؤه ﷺ خالياً عن انتظار العوض والتفات النفس إليه. وقيل: لا تعط شيئاً طالباً للكثير نهى عن الاستقرار وهو أن يهب شيئاً وهو يطمع أن يعوض من الموهوب له أكثر من الموهوب وهذا جائز ومنه الحديث: «المستكثر يثاب من هبته» وفيه وجهان: أحدهما: أن يكون نهياً خاصاً برسول الله ﷺ وهو ظاهر الآية؛ لأنّ الله تعالى اختار له أشرف الآداب وأحسن الأخلاق والثاني: أنه نهي تنزيه لا تحريم له ولأمّته. وقيل: إنه تعالى لما أمره بأربعة أشياء: إنذار القوم وتكبير الرب وتطهير الثياب وهجر الرجز.
(١٣/٢٣٦)
---