﴿فإذا جاءت الطامة الكبرى﴾ أي: الداهية التي تطم على الدواهي أي: تعلو وتغلب، وفي أمثالهم: جرى الوادي فطم على القرى، قال ابن عباس: وهي النفخة الثانية التي يكون معها البعث. وقال الضحاك: هي القيامة سميت بذلك لأنها تطم على كل شيء فتغمره. وقال القاسم بن الوليد الهمداني: هي الساعة التي يساق فيها أهل الجنة إلى الجنة، وأهل النار إلى النار.
وقوله تعالى: ﴿يوم يتذكر﴾ أي: تذكراً عظيماً ﴿الإنسان﴾ أي: الخلق الآنس بنفسه الغافل عما خلق له بدل من إذا ﴿ما سعى﴾ في الدنيا من خير أو شرّ، يعني: إذا رأى أعماله مدوّنة في كتابه تذكرها، وكان قد نسيها كقوله تعالى: ﴿أحصاه الله ونسوه﴾ (المجادلة: ٦)
وما في ﴿ما سعى﴾ موصولة أو مصدرية.
(١٣/٣٥٠)
---
﴿وبرّزت الجحيم﴾ أي: أظهرت النار المحرقة إظهاراً بيناً مكشوفاً ﴿لمن يرى﴾ أي: لكل راء، كقولهم: قد تبين الصبح لذي عينين، يريدون لكل من له بصر، وهو مثل في الأمر المنكشف الذي لا يخفى على أحد، لكن الناجي لا ينصرف بصره إليها فلا يراها، كما قال تعالى: ﴿لا يسمعون حسيسها﴾ (الأنبياء: ١٠٢)
وجواب إذا قوله: ﴿فأمّا من طغى﴾ أي: تجاوز الحد في العدوان حتى كفر بربه ﴿وآثر﴾ أي: قدّم واختار ﴿الحياة الدنيا﴾ أي: انهمك فيها ولم يستعدّ للآخرة بالعبادة وتهذيب النفس ﴿فإنّ الجحيم﴾ أي: النار الشديدة التوقد العظيمة ﴿هي﴾ أي: خاصة ﴿المأوى﴾ أي: مأواه كما تقول للرجل: غض الطرف، تريد طرفك، وليست الألف واللام بدلاً عن الإضافة، ولكن لما علم أنّ الطاغي هو صاحب المأوى، وأنه لا يغض الرجل طرف غيره تركت الإضافة.
تنبيه: ﴿هي﴾ يجوز أن تكون فصلاً أو مبتدأ.
﴿وأمّا من خاف مقام ربه﴾ أي: قيامه بين يديه لعلمه بالمبدأ وبالمعاد، وقال مجاهد: خوفه في الدنيا من الله تعالى عند مواقعة الذنب فيقلع عنه نظيره ﴿ولمن خاف مقام ربه جنتان﴾ (الرحمن: ٤٦)