﴿إنّ بطش ربك﴾ أي: أخذ المحسن إليك المربي لك المدبر لأمرك الجبابرة والظلمة ﴿لشديد﴾ كقوله تعالى: ﴿وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إنّ أخذه أليم شديد﴾ (هود: ١٠٢)
قال المبردّ:﴿إنّ بطش ربك ﴾ جواب القسم، والبطش هو الأخذ بعنف فإذا وصف بالشدّة فقد تضاعف. ولما كان هذا البطش لا يتأتى إلا لكامل القدرة دل على كمال قدرته واختصاصه بذلك بقوله تعالى مؤكداً لما له من الإنكار:
﴿إنه هو﴾ أي: وحده ﴿يبدئ﴾ أي: يوجد ابتداء أيّ خلق أراد إلى أيّ هيئة أراد ﴿ويعيد﴾ أي: ذلك المخلوق عند البعث. وروى عكرمة قال: عجب الكفار من إحياء الله تعالى الأموات أي: فنزلت.
وقال ابن عباس رضي الله عنهما: يبدئ لهم عذاب الحريق في الدنيا ثم يعيده عليهم في الآخرة، وهذا اختيار الطبري. وقيل: يبدئ البطش ويعيده فيبطش بهم في الدنيا والآخرة، أو دل باقتداره على الإبداء والإعادة على شدّة بطشه، أو أوعد الكفرة بأن يعيدهم كما بدأهم ليبطش لهم؛ إذ لم يشكروا نعمة الإبداء وكذبوا بالإعادة.
﴿وهو﴾ أي: وحده ﴿الغفور﴾ أي: الستور لعباده المؤمنين. وقرأ قالون وأبو عمرو والكسائي بسكون الهاء والباقون بضمها.
وقوله تعالى: ﴿الودود﴾ مبالغة في الود. قال ابن عباس رضي الله عنهما: هو المتودّد لعباده بالمغفرة، وعن المبرد: هو الذي لا ولد له. وأنشد:
*وأركب في الودّ عريانة
** ذلول الجماع لقاحاً ودودا*{{
(١٣/٤١٧)
---
أي: لا ولد لها تحنّ إليه. وقيل: هو فعول بمعنى مفعول كالركوب والحلوب بمعنى المركوب والمحلوب. وقيل: يغفر ويودّ أن يغفر.