وقوله تعالى: ﴿ألم تر﴾ خطاب للنبيّ ﷺ ولكن المراد به العموم والمراد بالرؤية العلم، أي: ألم تعلم يا أشرف رسلنا ﴿كيف فعل ربك﴾، أي: المحسن إليك بأنواع النعم ﴿بعاد﴾ ﴿إرم﴾ وهو ابن عوص بن إرم بن سام بن نوح عليه السلام، ثم إنهم جعلوا لفظ عاد اسماً للقبيلة كما يقال لبني هاشم: هاشم، ولبني تميم: تميم، ثم قيل: للأوّلين منهم عاد الأولى، وإرم تسمية لهم باسم جدهم ولمن بعدهم عاد الأخيرة. فإرم في قوله تعالى: ﴿عاد إرم﴾ عطف بيان لعاد وإيذان بأنهم عاد الأولى القديمة وقيل: إرم بلدتهم وأرضهم التي كانوا فيها. وقوله تعالى: ﴿ذات﴾، أي: صاحبة ﴿العماد﴾ فينظر فيه إن كانت صفة للقبيلة فالمعنى: أنهم كانوا بدويين أهل عمد وطوال الأجسام على تشبيه قدودهم بالأعمدة. وقيل: ذات البناء الرفيع وإن كانت صفة للبلدة فالمعنى: أنها ذات أساطين وروي أنه كان لعاد ابنان شداد وشديد فملكا وقهرا، ثم مات شديد وخلص الأمر لشداد فملك الدنيا ودانت له ملوكها فسمع بذكر الجنة فقال: أبني مثلها فبنى إرم في بعض صحاري عدن في ثلاثمائة سنة، وكان عمره تسعمائة سنة وهي مدينة عظيمة قصورها من الذهب والفضة وأساطينها من الزبرجد والياقوت، وفيها أصناف الأشجار والأنهار المطردة ولما تم بناؤها سار إليها بأهل مملكته فلما كان منها على مسيرة يوم وليلة بعث الله تعالى عليهم صيحة من السماء فهلكوا. وعن عبد الله بن قلابة أنه خرج في طلب إبل له فوقع عليها فحمل ما قدر عليه مما ثم وبلغ خبره معاوية فاستحضره فقص عليه فبعث إلى كعب فسأله فقال: هي إرم ذات العماد، وسيدخلها جل من المسلمين في زمانك أحمر أشقر قصير على حاجبه خال وعلى عقبه خال يخرج في طلب إبل له، ثم التفت فأبصر ابن قلابة فقال: هذا والله ذلك الرجل.
(١٣/٤٥٠)
---