﴿وأمّا من بخل﴾، أي: أوجد هذه الحقيقة الخبيثة فمنع ما أمر به وندب إليه. ﴿واستغنى﴾، أي: طلب الغنى عن الناس وعما وعد به من الثواب، أو وجده بما زعمت له نفسه الخائنة وظنونه الكاذبة فلم يحسن إلى الناس ولا عمل للعقبى.
﴿وكذب﴾، أي: أوقع التكذيب لمن يستحق التصديق ﴿بالحسنى﴾، أي: فأنكرها وكان عامداً مع المحسوسات كالبهائم.
﴿فسنيسره﴾، أي: نهيئه ﴿للعسرى﴾، أي: للخلة المؤدية إلى العسرة والشدة كدخول النار. وعن ابن عباس قال: نزلت في أمية بن خلف، وعنه فسنيسره للعسرى، أي: سأحول بينه وبين الإيمان بالله ورسوله وعنه أيضاً.
﴿وأمّا من بخل﴾، أي: بماله واستغنى عن ربه ﴿وكذب بالحسنى﴾، أي: بالخلف الذي وعده الله تعالى في قوله سبحانه: ﴿وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه﴾ (سبأ: ٣٩)
وقال مجاهد: ﴿وكذب بالحسنى﴾، أي: بالجنة، وعنه بلا إله إلا الله ويجوز في مافي قوله تعالى:
﴿وما يغني عنه ماله﴾ أن تكون نافية، أي: لا يغني عنه ماله شيئاً وأن تكون استفهاماً انكارياً، أي: شيء يغني عنه ماله ﴿إذا تردّى﴾ قال أبو صالح: أي إذا سقط في جهنم. وقيل: هو كناية عن الموت كما قال القائل:﴿{
(١٣/٤٨١)
---
*نصيبك مما تجمع الدهر كله ** رداآن تطوى فيهما وحنوط*
ولما عرفهم سبحانه أنّ سعيهم شتّى وبين للمحسنين من اليسرى وما للمسيئين من العسرى أخبرهم بأنّ عليه بيان الهدى من الضلال بقوله تعالى:
{إنّ علينا﴾، أي: بما لنا من القدرة والعظمة ﴿للهدى﴾، أي: للإرشاد إلى الحق بموجب قضائنا، أو بمقتضى حكمتنا فنبين طريق الهدى من طريق الضلال ليمتثل أمرنا بسلوك الأوّل، ونهينا عن ارتكاب الثاني. وقال الفراء: معناه إن علينا للهدى والإضلال فحذف المعطوف، كقوله تعالى: ﴿سرابيل تقيكم الحرّ﴾ (النحل: ٨١)