رابعها: ما روي «أنّ اليهود سألوا النبيّ ﷺ عن الروح وذي القرنين وأصحاب الكهف؟ فقال ﷺ سأخبركم غداً ولم يقل إن شاء الله، فاحتبس عنه الوحي إلى أن نزل جبريل عليه السلام بقوله تعالى: ﴿ولا تقولنّ لشيء إني فاعل ذلك غداً إلا أن يشاء الله﴾ (الكهف: ٢٣)
فأخبره بما سئل عنه، وفي هذه القصة نزلت ﴿ما ودّعك ربك﴾» واختلفوا في مدّة احتباس الوحي عنه. فقال ابن جرير: اثنا عشر يوماً. وقال ابن عباس: خمسة عشر يوماً. وقال مقاتل: أربعون يوماً. قالوا: وقال المشركون: إنّ محمداً ودّعه ربه وقلاه فأنزل الله تعالى هذه السورة فقال النبيّ ﷺ «يا جبريل ما جئت حتى اشتقت إليك؟ فقال جبريل عليه السلام: إني كنت إليك أشدّ شوقاً ولكني عبد مأمور وأنزل الله تعالى: ﴿وما نتنزل إلا بأمر ربك﴾» (مريم: ٦٤)
﴿وللآخرة﴾ التي هي المقصود من الوجود بالذات لأنها باقية خاصة عن شوائب الكدر ﴿خير لك﴾، أي: لما فيها من الكرامات لك ﴿من الأولى﴾، أي: الدنيا الفانية التي لا سرور فيها خالص وقيد تعالى بقوله سبحانه: ﴿لك﴾ لأنها ليست خيراً لكل أحد.
(١٣/٤٨٩)
---
قال البقاعي: إنّ الناس على أربعة أقسام: منهم من له الخير في الدارين وهم أهل الطاعة الأغنياء، ومنهم: من له الشرّ فيهما وهم الكفرة الفقراء، ومنهم من له صورة خير في الدنيا وشرّ في الآخرة وهم الكفرة الأغنياء، ومنهم من له صورة شرّ في الدنيا وخير في الآخرة وهم المؤمنون الفقراء. وروى البغوي بسنده عن ابن مسعود قال: «قال رسول الله ﷺ أنا أهل البيت أختار الله لنا الآخرة على الدنيا».