وروى الضحاك عن ابن عباس: أنّ النبيّ ﷺ ضل في شعاب مكة وهو صبي صغير فرآه أبو جهل منصرفاً من أغنامه فردّه إلى عبد المطلب. وقال سعيد بن المسيب: خرج رسول الله ﷺ مع عمه أبي طالب في قافلة ميسرة عبد خديجة، فبينما هو راكب ذات ليلة مظلمة ناقة فجاء إبليس فأخذ بزمام الناقة فعدل بها عن الطريق فجاء جبريل عليه السلام فنفخ إبليس نفخة وقع منها إلى أرض الحبشة وردّه إلى القافلة، فمنّ الله تعالى عليه بذلك وقيل: وجدك ضالاً نفسك لا تدري من أنت فعرفك نفسك وحالك. وقال كعب: إنّ حليمة لما قضت حق الرضاع جاءت برسول الله ﷺ لتردّه على عبد المطلب فسمعت عند باب مكة هنيأ لك يا بطحاء مكة اليوم يرد إليك النور والبهاء والجمال قالت: فوضعته لأصلح شأني فسمعت هدّة شديدة فالتفت فلم أره، فقلت: معشر الناس أين الصبي؟ فقالوا: لم نر شيئاً فصحت وامحمداه فإذا شيخ فان يتوكأ على عصا، فقال: اذهبي إلى الصنم الأعظم فإن شاء أن يرده إليك فعل ثم طاف الشيخ بالصنم وقبل رأسه، وقال: يا رب لم تزل منتك على قريش وهذه السعدية تزعم أنّ ابنها قد ضلّ فردّه إن شئت فانكب على وجهه وتساقطت الأصنام، وقالت إليك عنا أيها الشيخ فهلاكنا على يد محمد فألقى الشيخ عصاه وارتعد، وقال: إنّ لابنك رباً لا يضيعه فاطلبيه على مهل فانحشرت قريش إلى عبد المطلب، وطلبوه في جميع مكة فلم يجدوه فطاف عبد المطلب بالكعبة سبعاً وتضرّع إلى الله تعالى أن يرده، وقال:
(١٣/٤٩٣)
---
*يا رب ردّ ولدي محمداً ** اردده ربي واصطنع عندي يدا*