فسمعوا منادياً ينادي من السماء معاشر الناس لا تضجوا فإن لمحمد رباً لا يخذله ولا يضيعه وإنّ محمداً بوادي ثمامة عند شجرة السمر فسار عبد المطلب هو وورقة بن نوفل فإذا النبيّ ﷺ قائم تحت شجرة يلعب بالأغصان وبالورق. وفي رواية ما زال عبد المطلب يردّد البيت حتى أتاه أبو جهل على ناقة ومحمد ﷺ بين يديه، وهو يقول: ألا تدري ماذا جرى من ابنك فقال عبد المطلب: ولم؟ فقال: إني أنخت الناقة وأركبته خلفي فأبت الناقة أن تقوم فلما أركبته أمامي قامت الناقة. قال ابن عباس: ردّه الله تعالى إلى جده بيد عدوّه كما فعل موسى عليه السلام حين حفظه عند فرعون. وقيل: وجدك ضالاً ليلة المعراج حين انصرف عنك جبريل وأنت لا تعرف الطريق فهداك إلى ساق العرش. وقال بعض المتكلمين إذا وجدت العرب شجرة منفردة من الأرض لا شجرة معها سموها ضالة فيهدى بها إلى الطريق، فقال الله تعالى لنبيه ﷺ ﴿وجدك ضالاً﴾، أي: لا أحد على دينك بل أنت وحيد ليس معك أحد فهديت بك الخلق إليّ.
وقيل: الخطاب للنبي ﷺ والمراد غيره فقوله تعالى: ﴿ووجدك ضالاً فهدى﴾، أي: وجد قومك ضلالاً فهداهم بك، وقيل: غير ذلك. قال الزمخشري: ومن قال: كان على أمر قومه أربعين سنة فإن أراد أنه كان على خلوّهم من العلوم السمعية فنعم، وإن أراد أنه كان على كفرهم ودينهم فمعاذ الله والأنبياء عليهم الصلاة والسلام يجب أن يكونوا معصومين قبل النبوّة وبعدها من الكبائر والصغائر الشائنة، فما بال الكفر والجهل بالصانع ما كان لنا أن نشرك بالله من شيء، وكفى بالنبيّ نقيصة عند الكفار أن يسبق له كفر.
(١٣/٤٩٤)
---