﴿وأما السائل﴾، أي: الذي أحوجته العيلة أو غيرها إلى السؤال ﴿فلا تنهر﴾، أي: فلا تزجر، يقال نهره وأنهره إذا زجره وأغلظ عليه القول ولكن ردّه رداً جميلاً قال إبراهيم بن أدهم: نعم القوم السؤال يحملون زادنا إلى الآخرة. وقال إبراهيم النخعي: السائل بريدنا إلى الآخرة يجيء إلى باب أحدكم فيقول: هل تبعثون إلى أهليكم بشيء. وقيل: المراد بالسائل هنا الذي يسأل عن الدين. وروى الزمخشري أنّ النبيّ ﷺ قال: «إذا رددت السائل ثلاثاً فلم يرجع فلا عليك أن تزبره».
وقيل: أما أنه ليس السائل المستجدي ولكن طالب العلم إذا جاءك فلا تنهره.
﴿وأما بنعمة ربك﴾، أي: المحسن إليك بالنبوّة وغيرها ﴿فحدّث﴾ بها فإن التحدّث بها شكرها، وإنما يجوز لغيره ﷺ مثل هذا إذا قصد به اللطف وأن يقتدي به غيره وأمن على نفسه الفتنة والستر أفضل ولو لم يكن في الذكر إلا التشبه بأهل الرياء والسمعة لكفي.
والمعنى: إنك كنت يتيماً وضالاً وعائلاً فآواك الله وهداك وأغناك، فمهما يكن من شيء فلا تنس نعمة الله عليك في هذه الثلاث، واقتد بالله فتعطف على اليتيم وآوه فقد ذقت اليتم وهوانه ورأيت كيف فعل الله تعالى بك، وترحم على السائل وتفقده بمعروفك ولا تزجره عن بابك كما رحمك ربك فأغناك بعد الفقر، وحدث بنعمة الله كلها. ويدخل تحت هدايته الضلال وتعليمه الشرائع، والقرآن مقتد بالله تعالى في أن هداه من الضلالة.
(١٣/٤٩٧)
---