لأنه ظا هر في تغير الحال، ومحاكاة يوم القيامة الذي هو أعظم فلق يشق ظلمة الفناء، والهلاك بالبعث والأحياء. وقال الملوي: الفلق بالسكون والحركة كل شيء انفلق عنه ظلمة العدم، وأوجد من الكائنات جميعاً. وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما: أنه سجن في جهنم. وقال الكلبي: واد في جهنم. وقال الضحاك: يعني الخلق، وقيل: المطمئن من الأرض وجمعه: فلقان مثل خلق وخلقان، وقيل: الفلق الجبال والصخور وتنفلق بالمياه، أي: تنشق وقيل: هو التفليق بين الجبال لأنها تنشق من خوف الله تعالى. ولفظ الرب هنا أوقع من سائر أسمائه تعالى، لأن الإعادة من المشارّ تربية.
ولما كانت الأشياء قسمين: عالم الخلق وعالم الأمر، وكان عالم الأمر خيراً كله فكان الشر منحصراً في عالم الخلق خصه بالاستعاذة فقال تعالى معمماً فيها:
﴿من شر ما خلق﴾ فخص عالم الخلق بالاستعاذة منه لانحصار الشر فيه يكون اختيارياً من العاقل الداخل تحت مدلول ما وغيره من سائر الحيوانات كالكفر والظلم ونهش السباع ولدغ ذوات السموم، وتارة طبيعياً كإحراق النار، وإهلاك السموم.
وقيل: المراد به إبليس خاصة لأنه لم يخلق الله خلقاً شراً منه، ولأنّ السحر لا يتم إلا به وبأعوانه وجنوده، وقيل: من شر كل ذي شر.
وقوله تعالى: ﴿ومن شر غاسق إذا وقب﴾ فيه أوجه: أحدها: ما روي عن عائشة قالت: «إن رسول الله ﷺ نظر إلى القمر فقال: يا عائشة استعيذي بالله من شر هذا فإنّ هذا هو الغاسق إذا وقب» أخرجه الترمذي، وقال: حديث صحيح حسن فعلى هذا المراد به القمر إذا خسف وأسود وذهب ضوءه، أو إذا دخل في المحاق وهو آخر الشهر، وفي ذلك الوقت يتم السحر المؤثر للتمريض، وهذا مناسب لسبب نزول هذه السورة.
(١٤/١٢٢)
---