﴿فعظوهنّ﴾ أي: خوفوهنّ كأن يقول لزوجته: اتقي الله في الحق الواجب لي عليك واحذري العقوبة ويبيّن لها أنّ النشوز يسقط النفقة والقسم ﴿واهجروهنّ في المضاجع﴾ أي: اعتزلوهنّ في الفراش ﴿واضربوهنّ﴾ وإن لم يتكرّر النشوز إن أفاد الضرب وإلا فلا يضرب كما لا يضرب ضرباً مبرّحاً ولا وجهاً ولا مهالك ومع ذلك فالأولى له العفو، وخرج بالعلم بالنشوز ما إذا ظهرت أماراته فقط إما بقول كأن صارت تجيبه بكلام خشن بعد أن كان بلين، وإما بفعل كأن يجد منها إعراضاً وعبوساً بعد تلطف وطلاقة وجه، فإنه يعظها بلا هجر وبلا ضرب لعلها تبدي عذراً أو تتوب عما وقع منها بغير عذر، وخرج بالمضجع الهجر بالكلام، فلا يجوز الهجر فوق ثلاثة أيام ويجوز فيها للخبر الصحيح: «لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث» إن قصد بهجرها ردّها لحظ نفسه فإن قصد به ردّها عن المعصية وإصلاح دينها فلا تحريم إذ النشوز حينئذ عذر شرعيّ، والهجر له في الكلام جائز مطلقاً، ومنه هجره ﷺ كعب بن مالك وصاحبيه ونهيه الصحابة عن كلامهم ﴿فإن أطعنكم﴾ فيما يراد منهنّ ﴿فلا تبغوا﴾ أي: لا تطلبوا ﴿عليهنّ سبيلاً﴾ أي: طريقاً إلى ضربهنّ ظلماً واجعلوا ما كان بينهنّ كأن لم يكن، «فإنّ التائب من الذنب كمن لا ذنب له»، رواه الطبرانيّ وابن ماجة وغيرهما ﴿إنّ الله كان علياً كبيراً﴾ فاحذروه أن يعاقبكم إن ظلمتموهنّ فإنه أقدر عليكم منكم على من تحت أيديكم.
(٢/٢٢٥)
---