تنبيه: بعث الحكمين على سبيل الوجوب، وكونهما من الأقارب على سبيل الندب وهما وكيلان لهما فاشترط رضاهما لا حكمان من جهة الحاكم؛ لأنّ الحال يؤدّي إلى الفراق، والبضع حق الزوج، والمال حق الزوجة، وهما رشيدان فلا يولي عليهما في حقهما، فيوكل هو حكمه بطلاق أو خلع، وتوكل هي حكمها ببذل عوض وقبول طلاق، ويشترط فيهما إسلام وحرية وعدالة واهتداء إلى المقصود من بعثهما، له وإنما اشترط فيهما ذلك مع أنهما وكيلان لتعلق وكالتهما بنظر الحاكم كما في أمينه، ويسنّ كونهما ذكرين ولا يكفي حكم واحد ﴿إن يريدا﴾ أي: الحكمان ﴿إصلاحاً يوفق الله بينهما﴾ أي: الزوجين أي: إن قصدا إصلاح ذات البين وكانت نيتهما صحيحة وقلوبهما ناصحة لوجه الله تعالى بورك في وساطتهما وأوقع الله بطيب أنفسهما وحسن سعيهما بين الزوجين الوفاق والإلفة، وألقى في نفوسهما المودّة والرحمة، وقيل: الضمير الأوّل للزوجين، والثاني للحكمين أي: إن يرد الزوجان إصلاحاً يوفق الله بين الحكمين اختلافهما حتى يعملا بالصلاح، وقيل: الضميران للحكمين أي: إن قصدا الإصلاح يوفق الله بينهما لتتفق كلمتهما ويحصل مقصودهما، وقيل: للزوجين أي: إن أرادا الإصلاح وزوال الشقاق: أوقع الله بينهما الإلفة والوفاق، وفيه تنبيه على أنّ من أصلح نيته فيما يتحرّاه أصلح الله تعالى مبتغاه، وإن لم يرضيا ببعثهما ولم يتفقا على شيء أدب الحاكم الظالم واستوفى للمظلوم حقه ﴿إنّ الله كان عليماً﴾ بكل شيء ﴿خبيراً﴾ بالبواطن كالظواهر، فيعلم كيف يرفع الشقاق ويوقع الوفاق قال تعالى: ﴿لو أنفقت ما في الأرض جميعاً ما ألفت بين قلوبهم ولكنّ الله ألف بينهم﴾ (الأنفال، ٦٣).
(٢/٢٢٧)
---