روي أنه ﷺ قال: «بينما رجل يتبختر في بردين وقد أعجبته نفسه خسف به الأرض فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة». وفي رواية: «لا ينظر الله يوم القيامة إلى من جرّ ثوبه خيلاء». وقوله تعالى: ﴿الذين﴾ مبتدأ ﴿يبخلون﴾ أي: بما يجب عليهم ﴿ويأمرون الناس بالبخل﴾ بذلك ﴿ويكتمون ما آتاهم الله من فضله﴾ من العلم والمال وهم اليهود بخلوا ببيان صفته ﷺ وكتموها وكانوا يأتون رجالاً من الأنصار ويخالطونهم فيقولون: لا تنفقوا أموالكم فإنا نخشى عليكم الفقر ولا تدرون ما يكون. وخبر المبتدأ محذوف تقديره لهم وعيد شديد ويصح أن يكون (الذين) بدلاً من قوله: من كان، أو منصوباً على الذم أو مرفوعاً عليه أي: هم الذين، وقرأ حمزة والكسائي (بالبخل) بفتح الباء والخاء، والباقون بضمّ الباء وسكون الخاء ﴿وأعتدنا للكافرين﴾ بذلك وبغيره ﴿عذاباً مهيناً﴾ أي: ذا إهانة وضع الظاهر فيه موضع المضمر إظهاراً بأنّ من هذا شأنه فهو كافر بالله لكتمانه صفة النبيّ ﷺ وكافر بنعمة الله عليه.
وروي عنه ﷺ أنه قال: «إذا أنعم الله على عبد نعمة أحبّ أن ترى نعمته على عبده». وبنى عامل للرشيد قصراً حذاء قصره فنم به عنده فقال الرجل: يا أمير المؤمنين إنّ الكريم يسره أن يرى أثر نعمته، فأحببت أن أسرك بالنظر إلى آثار نعمتك فأعجبه كلامه، وقوله تعالى:
(٢/٢٣٠)
---
﴿والذين﴾ عطف على الذين قبله ﴿ينفقون أموالهم رئاء الناس﴾ أي: مرائين لهم ﴿ولا يؤمنون با ولا باليوم الآخر﴾ أي: كالمنافقين ومشركي مكة المنفقين أموالهم في عداوة النبيّ ﷺ ﴿ومن يكن الشيطان له قريناً﴾ أي: صاحباً يعمل بأمره كهؤلاء ﴿فساء﴾ أي: فبئس ﴿قريناً﴾ هو حيث حملهم على البخل والرياء وكل شر وزينه لهم كقوله تعالى: ﴿إنّ المبذرين كانوا إخوان الشياطين﴾ (الإسراء، ٢٧)
(٢/٢٣١)
---