فإن قيل: لم أنث الضمير مع أنه راجع للمثقال وهو مذكر؟ أجيب: بأنه أنثه لتأنيث الخبر أو لإضافة المثقال إلى مؤنث، وقيل: إنّ الضمير راجع إلى ذرّة وهي مؤنثة لا إلى مثقال وحذفت النون تشبيهاً بحروف العلة، وقرأ نافع وابن كثير: حسنة برفع التاء على كان التامّة والباقون بنصبها على كان الناقصة، وقرأ ابن كثير وابن عامر (يضعفها) بتشديد العين ولا ألف قبلها والباقون بتخفيف العين وألف قبلها ﴿ويؤت﴾ أي: يعط صاحب الحسنة ﴿من لدنه﴾ أي: من عند الله على سبيل التفضل زائداً على ما وعد في مقابلة العمل ﴿أجراً عظيماً﴾ أي: عطاء جزيلاً وإنما سماه أجراً؛ لأنه تابع للأجر مزيد عليه لا يثبت إلا بثباته.
﴿فكيف﴾ حال الكفار؟ ﴿إذا جئنا من كل أمّة بشهيد﴾ يشهد عليها بعملها وهو نبيها لقوله تعالى: ﴿وكنت عليهم شهيداً ما دمت فيهم﴾ (المائدة، ١١٧)
﴿وجئنا بك﴾ يا محمد ﴿على هؤلاء﴾ الشهداء ﴿شهيداً﴾ أي: شاهداً تشهد على صدقهم لعلمك بعقائدهم واستجماع شرعك على مجامع قواعدهم، وقيل: هؤلاء إشارة إلى المؤمنين لقوله تعالى: ﴿لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً﴾ (البقرة، ١٤٣)
وقيل: إلى الكافرين المستفهم عن حالهم.
وعن ابن مسعود أنه قرأ سورة النساء على رسول الله ﷺ حتى بلغ قوله: ﴿وجئنا بك على هؤلاء شهيداً﴾ فبكى رسول الله ﷺ وقال: «حسبك».
﴿يومئذٍ﴾ أي: المجيء وهو يوم القيامة ﴿يودّ﴾ أي: يتمنى ﴿الذين كفروا وعصوا الرسول لو﴾ أي: أن ﴿تسوّى بهم الأرض﴾ كالموتى أو لم يبعثوا أو لم يخلفوا وكانوا هم والأرض سواء، وقال الكلبيّ يقول الله عز وجلّ للبهائم والوحوش والطيور والسباع: كونوا تراباً فتسوّى بهنّ الأرض فعند ذلك يتمنى الكافر أنه لو كان تراباً كما قال تعالى: ﴿ويقول الكافر يا ليتني كنت تراباً﴾ (النبأ، ٤٠)
(٢/٢٣٤)
---