وروى أبو ذر أنه ﷺ قال: «ما من عبد قال: لا إله إلا الله ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة» قلت: وإن زنى وإن سرق؟ قال: «وإن زنى وإن سرق» قلت: وإن زنى وإن سرق قال: «وإن زنى وإن سرق» قلت: «وإن زنى وإن سرق؟ قال: «وإن زنى وإن سرق على رغم أنف أبي ذر» وكان أبو ذر إذا حدّث بهذا قال: وإن رغم أنف أبي ذر ﴿ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم﴾ قال الحسن وقتادة: نزلت في اليهود والنصارى قالوا: نحن أبناء الله وأحباؤه ﴿وقالوا: لن يدخل الجنة إلا من كان هوداً أو نصارى﴾ (البقرة، ١١١)، وقال الكلبيّ: نزلت في رجال من اليهود جاؤوا إلى رسول الله ﷺ بأطفالهم فقالوا: هل على هؤلاء ذنب؟ قال: «لا» قالوا: والله ما نحن إلا كهيئتهم ما عملنا بالنهار كفر عنا بالليل وما عملنا بالليل كفر عنا بالنهار.
ويدخل في الآية كل من زكى نفسه ووصفها بزكاء العمل وزيادة الطاعة والتقوى والزلفى عند الله إلا إذا كان لغرض صحيح وطابق الواقع كقول سيدنا يوسف ﷺ ﴿اجعلني على خزائن الأرض، إني حفيظ عليم﴾ (يوسف، ٥٥)، وقوله ﷺ «إني أمين في السماء أمين في الأرض» حين قال له المنافقون: اعدل في القسمة إكذاباً لهم إذ وصفوه بخلاف ما وصفه به ربه، ولكن شتان بين من شهد الله له بالتزكية ومن شهد لنفسه أو شهد له من لا يعلم ﴿بل الله﴾ الذي له صفات الكمال ﴿يزكي من يشاء﴾ أي: بماله من العلم التامّ والقدرة الشاملة والحكمة البالغة، وأصل التزكية نفي ما يستقبح فعلاً أو قولاً ﴿ولا يظلمون﴾ أي: ينقصون من أعمالهم ﴿فتيلاً﴾ أي: قدر ما يكون في شق النواة قاله عكرمة عن ابن عباس، فهو اسم لما في شق النواة، والقطمير اسم للقشرة التي على النواة، والنقير اسم للنقطة التي تكون على ظهر النواة، وقيل: الفتيل من الفتل وهو ما يحصل بين الإصبعين من الوسخ عند الفتل.
(٢/٢٤٥)
---