﴿إنّ الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها﴾ خطاب يعم المكلفين، والأمانات وإن نزلت يوم الفتح في عثمان بن طلحة بن عبد الدار لما أغلق باب الكعبة وصعد السطح فطلب رسول الله ﷺ المفتاح ليدخلها فأبى وقال: لو علمت أنه رسول لم أمنعه المفتاح فلوى عليّ رضي الله تعالى عنه يده وأخذ منه المفتاح وفتح الباب، فدخل رسول الله ﷺ البيت وصلى فيه ركعتين، فلما خرج سأله العباس أن يعطيه المفتاح ويجمع له بين السقاية والسدانة، فأنزل الله هذه الآية، فأمر رسول الله ﷺ علياً أن يرد المفتاح إلى عثمان ويعتذر ففعل ذلك وقال: هاك خالدة تالدة، فعجب من ذلك وقال عثمان: أكرهت وأذيت، ثم جئت ترفق؟ فقال: قد أنزل الله في شأنك قرآناً، وقرأ عليه فقال عثمان: أشهد أن لا إله إلا الله وأنّ محمداً رسول الله فهبط جبريل وأخبر رسول الله ﷺ أن السدانة تكون في أولاد عثمان أبداً فلما مات عثمان دفعه إلى أخيه شيبة، فالمفتاح والسدانة في أيديهم إلى اليوم وإلى يوم القيامة، فالآية، وإن وردت في سبب خاص فعمومها معتبر بقرينة الجمع ﴿وإذا حكمتم بين الناس﴾ أي: قضيتم بين من ينفذ عليه أمركم أو يرضى بحكمكم ﴿أن تحكموا بالعدل﴾ أي: بالسواء بأن تأمروا من وجب عليه حق بأدائه إلى من هو له فإنّ ذلك من أعظم الصالحات الموجبة لحسن المقيل في الظل الظليل، أخرج الشيخان وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أنّ النبيّ ﷺ قال: «سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل»، الحديث.
(٢/٢٥١)
---


الصفحة التالية
Icon