وروي: «إن أحب الناس إلى الله يوم القيامة وأقربهم منه مجلساً إمام عادل وإن أبغض الناس إلى الله يوم القيامة وأشدّهم عذاباً إمام جائر». ولما أخبرهم بأمره زادهم رغبة بقوله: ﴿إنّ الله نعما﴾ فيه إدغام ميم نعم في ما النكرة الموصوفة أي: نعم شيئاً ﴿يعظكم به﴾ وهو تأدية الأمانة والحكم بالعدل، وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي بفتح النون، وكسرها الباقون، واختلس كسر العين قالون وأبو عمرو وشعبة ﴿إنّ الله كان﴾ أي: ولم يزل ولا يزال ﴿سميعاً﴾ لكل ما يقال ﴿بصيراً﴾ بكلّ ما يفعل.
﴿يأيها الذين آمنوا﴾ أي: أقروا بالإيمان، وبدأ بما هو العمدة في الحمل على ذلك فقال: ﴿أطيعوا الله﴾ أي: فيما أمركم به ﴿وأطيعوا الرسول﴾ أي: فيما بينه لكم ﴿و﴾ أطيعوا ﴿أولي﴾ أي: أصحاب ﴿الأمر﴾ أي: الولاة ﴿منكم﴾ أي: إذا أمروكم بإطاعة الله ورسوله، وسواء كان ذلك في عهد رسول الله ﷺ أم بعده، ويندرج فيهم الخلفاء والقضاة وأمراء السرية.
روي أنه ﷺ قال: «السمع والطاعة على المرء فيما أحب وكره ما لم يؤمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة».
وروي أنه ﷺ خطب في حجة الوداع فقال: «اتقوا الله وصلوا رحمكم وصلوا خمسكم وصوموا شهركم وأدّوا زكاة أموالكم وأطيعوا إذا أمركم تدخلوا جنة ربكم». وقيل: «المراد بأولي الأمر أبو بكر وعمر لقوله ﷺ «اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر» وقال عطاء هم المهاجرون والأنصار والتابعون لهم بإحسان بدليل قوله تعالى: ﴿والسابقون الأوّلون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان﴾ (التوبة، ١٠٠)
روي أنه ﷺ قال: «مثل أصحابي وأمّتي كالملح في الطعام ولا يصلح الطعام إلا بالملح»، قال الحسن: فقد ذهب ملحنا فكيف نصلح وقيل: المراد علماء الشرع لقوله تعالى: ﴿ولو ردّوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستبطونه منهم﴾ (النساء، ٨٣)
(٢/٢٥٢)
---


الصفحة التالية
Icon