﴿أولئك الذين يعلم الله ما في قلوبهم﴾ أي: من النفاق والبغض للإسلام وأهله وإن اجتهدوا في إخفائه وكذبهم في حلفهم وعذرهم ﴿فأعرض عنهم﴾ أي: عن عتابهم بالصفح؛ لأنهم أقل من أن يحسب لهم حساب ﴿و﴾ لكن ﴿عظهم﴾ أي: خوّفهم الله القادر على استئصالهم ﴿وقل لهم في أنفسهم﴾ أي: في شأنها أو خالياً بهم فإن النصح في السر أنجع ﴿قولاً بليغاً﴾ أي: مؤثراً فيهم أي: ازجرهم ليرجعوا عن كفرهم، وقيل: هذا منسوخ بآية القتال.
ولما أمر الله تعالى بطاعة رسول الله ﷺ وذم من حاكم إلى غيره وهدده وختم تهديده بأمر النبيّ ﷺ بالإعراض عنه والوعظ له، فكان التقدير فما أرسلناك وغيرك من الرسل إلا للرفق بالأمّة والصفح عنهم والدعاء لهم على غاية الجهد والنصيحة عطف عليه قوله:
﴿وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع﴾ أي: فيما يأمر به ويحكم؛ لأن منصبه الشريف يقتضي ذلك ﴿بإذن الله﴾ أي: بإرادته من أنه يطاع فلا يعصي ولا يخالف ﴿ولو أنهم إذ﴾ أي: حين ﴿ظلموا أنفسهم﴾ أي: بالتحاكم إلى الطاغوت أو غيره ﴿جاؤك﴾ أي: تائبين ﴿فاستغفروا الله﴾ بالتوبة والإخلاص ﴿واستغفر﴾ أي: شفع ﴿لهم الرسول﴾ أي: اعتذروا إليه حتى انتصب لهم شفيعاً، وإنما عدل عن الخطاب تفخيماً لشأنه ﴿لوجدوا الله توّاباً﴾ عليهم ﴿رحيماً﴾ بهم، وقرأ أبو عمرو بإدغام الراء في اللام بخلاف عنه.
(٢/٢٥٦)
---


الصفحة التالية
Icon