﴿ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم﴾ كما أمرنا بني إسرائيل، أو تعرّضوا بها للقتل بالجهاد، وإن مصدرية أو مفسرة؛ لأنّ (كتبنا) في معنى أمرنا، وقرأ أبو عمرو وعاصم وحمزة والكسائي بكسر النون في الوصل، والباقون بالضم ﴿أو اخرجوا من دياركم﴾ أي: التي هي لأشباحكم كأشباحكم لأرواحكم توبة لربكم ﴿ما فعلوه﴾ أي: المكتوب عليهم أي: إنا ما كتبنا عليهم إلا طاعة الله ورسوله والرضا بحكمه ولو كتبنا عليهم القتل والخروج من الديار ما كان يفعله ﴿إلا قليل منهم﴾ قال الحسن ومقاتل: لما نزلت هذه الآية، قال عمر وعمار بن ياسر وعبد الله بن مسعود وناس من أصحاب رسول الله ﷺ وهم القليل والله لو أمرنا لفعلنا والحمد لله الذي عافانا فبلغ النبيّ ﷺ ذلك فقال: «إنّ من أمّتي لرجالاً الإيمان أثبت في قلوبهم من الجبال الرواسي»، وقرأ ابن عامر قليلاً بالنصب على الاستثناء والباقون بالرفع على البدل ﴿ولو أنهم﴾ أي: هؤلاء المنافقين ﴿فعلوا ما يوعظون به﴾ من طاعة الرسول ﷺ ﴿لكان خيراً لهم﴾ في عاجلهم وآجلهم مما اختاروه لأنفسهم ﴿وأشدّ تثبيتاً﴾ أي: تحقيقاً لإيمانهم.
﴿وإذاً﴾ أي: لو ثبتوا ﴿لآتيناهم من لدنا﴾ أي: من عندنا ﴿أجراً عظيماً﴾ وهو الجنة ﴿ولهديناهم صراطاً مستقيماً﴾ يصلون بسلوكه جنات القدس وتفتح لهم أبواب الغيب قال ﷺ «من عمل بما علم ورثه الله علم ما لم يعلم» رواه أبو نعيم في حليته.
(٢/٢٥٩)
---


الصفحة التالية
Icon