تنبيه: نصب أشدّ على الحال، وجواب لما دل عليه إذا وما بعدها أي: فاجاءتهم الخشية ﴿وقالوا﴾ جزعاً من الموت ﴿ربنا لم كتبت علينا القتال لولا﴾ أي: هلا ﴿أخرتنا إلى أجل قريب﴾ وهو الموت أي: هلا تركتنا حتى نموت بآجالنا، واختلفوا في هؤلاء الذين قالوا ذلك فقيل: قاله قوم من المنافقين؛ لأن قوله: ﴿لم كتبت علينا القتال﴾ لا يليق بالمؤمنين؟ وقيل: قاله جماعة من المؤمنين لم يكونوا راسخين في العلم قالوه خوفاً وجبناً لا اعتقاداً، ثم تابوا، وأهل الإيمان يتفاضلون فيه، وقيل: هم قوم كانوا مؤمنين فلما كتب عليهم القتال نافقوا من الجبن وتخلفوا عن الجهاد، وقرأ البزي في الوقف (لمه) بهاء بعد الميم بخلف عنه، والباقون بالميم بغير هاء والهاء ساقطة في الوصل للجميع ﴿قل﴾ لهم يا محمد ﴿متاع الدنيا﴾ أي: ما يتمتع به فيها والاستمتاع بها ﴿قليل﴾ أي: آيل إلى الزوال ﴿والآخرة﴾ أي: ثوابها وهو الجنة والنظر إلى الله تعالى ﴿خير لمن اتقى﴾ عقاب الله بترك معاصيه.
(٢/٢٦٥)
---
روي أنه ﷺ قال: «ما الدنيا في الآخرة إلا مثل ما يجعل أحدكم إصبعه في اليم فلينظر بم يرجع» ﴿ولا تظلمون﴾ أي: تنقصون من أعمالكم ﴿فتيلاً﴾ أي: قدر ما يكون في شق النواة كما مرّ عن عكرمة. وقرأ ابن كثير وحمزة والكسائي بالياء على الغيبة والباقون بالتاء على الخطاب، ونزل في المنافقين الذين قالوا في قتلى أحد ﴿لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا﴾ (آل عمران، ١٥٦).
﴿أينما تكونوا﴾ أيها الناس كلكم مطيعكم وعاصيكم ﴿يدرككم الموت﴾ أي: فإنه طالب لا يفوته هارب.g
واختلف كتاب المصاحف في رسم أينما هنا فمنهم من كتب ما مقطوعة من أين ومنهم من وصلها ﴿ولو كنتم في بروج﴾ أي: حصون برج داخل برج أو كل واحد منكم داخل برج ﴿مشيدة﴾ أي: مرتفعة كل واحد منها شاهق في الهواء منيع فلا تخشوا القتال خوف الموت.


الصفحة التالية
Icon