ونزل في اليهود لما قالوا حين قدم النبيّ ﷺ المدينة: ما زلنا نعرف النقص في ثمارنا ومزارعنا منذ قدم علينا هذا الرجل وأصحابه ﴿وإن تصبهم﴾ أي: اليهود ﴿حسنة﴾ أي: خصب ورخص في السعر ﴿يقولون هذه من عند الله﴾ لنا لا مدخل لك فيها ﴿وإن تصبهم سيئة﴾ أي: جدب وغلاء في الأسعار ﴿يقولون هذه من عندك﴾ أي: من شؤم محمد وأصحابه وقيل: المراد بالحسنة الظفر والغنيمة يوم بدر، والسيئة القتل والهزيمة يوم أحد، يقولون: هذه من عندك أي: أنت الذي حملتنا عليه يا محمد فعلى هذا يكون هذا قول المنافقين ﴿قل﴾ لهم يا محمد ﴿كل﴾ أي: الحسنة والسيئة ﴿من عند الله﴾ ثم عيرهم بالجهل فقال: ﴿فما لهؤلاء القوم﴾ أي: اليهود أو المنافقين ﴿لا يكادون يفقهون﴾ أي: لا يقاربون أن يفهموا ﴿حديثاً﴾ يوعظون به وهو القرآن؛ لأنهم لو فهموه وتدبروا معانيه لعلموا أنّ الكل من عند الله، أو حديثاً ما يلقى إليهم كبهائم لا أفهام لهم، وما استفهام تعجب من فرط جهلهم ونفي مقاربة الفعل أشدّ من نفيه.
(٢/٢٦٦)
---
﴿ما أصابك﴾ أي: أيها الإنسان ﴿من حسنة﴾ أي: نعمة دنيوية أو أخروية ﴿فمن الله﴾ أتتك تفضلاً منه والإيمان أحسن المحسنات، قال الإمام: إنهم اتفقوا على أنّ قوله: ﴿ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله﴾ (فصلت، ٣٣)
المراد به كلمة الشهادة ﴿وما أصابك من سيئة﴾ أي: بلية وأمر تكرهه ﴿فمن نفسك﴾ أتتك حيث ارتكبت ما يستوجبها من الذنوب.


الصفحة التالية
Icon