فإن قيل: كيف الجمع بين قوله تعالى: ﴿قل كل من عند الله﴾ وبين قوله ﴿فمن نفسك﴾؟ أجيب: بأنّ قوله: ﴿قل كل من عند الله﴾ أي: الخصب والجذب والنصر والهزيمة كلها من عند الله وقوله: ﴿فمن نفسك﴾ أي: ما أصابك من سيئة من الله فبذنب نفسك عقوبة لك كما قال تعالى: ﴿وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم﴾ (الشورى، ٣٠)، وقيل: إنّ هذه الآية متصلة بما قبلها، والقول فيه مضمر تقديره: فما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثاً يقولون: ﴿ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك قل كل من عند الله﴾ ﴿وأرسلناك﴾ يا محمد ﴿للناس﴾ أي: كافة وقوله تعالى: ﴿رسولاً﴾ حال قصد بها التأكيد ﴿وكفى با شهيداً﴾ على إرسالك بنصب المعجزات، ولما قال النبيّ ﷺ «من أطاعني فقد أطاع الله ومن أحبني فقد أحب الله» فقال بعض المنافقين: ما يريد هذا الرجل إلا أن تتخذوه رباً كما اتخذت النصارى عيسى ابن مريم» نزل.
(٢/٢٦٧)
---
﴿من يطع الرسول فقد أطاع الله﴾ لأنه في الحقيقة مبلغ والآمر هو الله تعالى ﴿ومن تولى﴾ أي: أعرض عن طاعتك فلا يهمنك ﴿فما أرسلناك﴾ يا محمد ﴿عليهم حفيظاً﴾ أي: حافظاً لأعمالهم وتحاسبهم عليها إنما عليك البلاغ وعلينا الحساب فنجازيهم، وهذا قبل الأمر بالقتال.
(٢/٢٦٨)
---


الصفحة التالية
Icon