فإن قيل: ظاهرهما يخالف الآية؟ أجيب: بأنّ الأوّل مؤوّل بأنّ القصر كالتمام في الصحة والإجزاء، ومعنى الثاني لمن أراد الاقتصار عليهما جمعاً بين الأدلة، وقوله تعالى: ﴿إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا﴾ أي: ينالوكم بمكروه بيان باعتبار الغالب في ذلك الوقت فلا مفهوم له، قال يعلى بن أمية: قلت لعمر: إنما قال الله تعالى: ﴿إن خفتم﴾ وقد أمن الناس قال: قد عجبت مما عجبت منه فسألت رسول الله ﷺ فقال: «صدقة تصدّق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته» رواه مسلم ﴿إنّ الكافرين كانوا﴾ أي: جبلة وطبعاً ﴿لكم عدوّاً مبيناً﴾ أي: بين العداوة وقوله تعالى:
(٢/٢٩٤)
---
﴿وإذا كنت﴾ أي: يا محمد حاضراً ﴿فيهم﴾ أي: وأنتم تخافون العدوّ ﴿فأقمت لهم الصلاة﴾ تمسك بمفهومه من خص صلاة الخوف بحضرة النبيّ ﷺ وعامّة الفقهاء على أنه تعالى علم نبيه ﷺ كيفيتها ليقتدي به الأئمة بعده فإنهم نوّاب عنه فيكون حضورهم كحضوره.
(٢/٢٩٥)
---
روي أنّ المشركين لما رأوا رسول الله ﷺ وأصحابه قاموا إلى الظهر يصلون جميعاً ندموا أن لا كانوا أكبوا عليهم فقال بعضهم لبعض: دعوهم فإنّ لهم بعدها صلاة هي أحب إليهم من آبائهم وأبنائهم وهي صلاة العصر فإذا قاموا فيها فشدّوا عليهم فاقتلوهم فنزل جبريل فقال: يا محمد إنها صلاة الخوف وإنّ الله يقول: ﴿وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة﴾ فعلمه صلاة الخوف وهي أنواع:


الصفحة التالية
Icon