الأوّل: إذا كان العدو في جهة القبلة وسائر والمسلمون كثيرون فيصلي بهم الإمام ثم يسجد بصف أوّل ويحرس صف ثانٍ، فإذا قاموا سجد من حرس ولحقه وسجد معه بعد تقدّمه وتأخر الأوّل بلا كثرة أفعال في الركعة الثانية، وحرس الآخرون فإذا جلس للتشهد جلس الآخرون وتشهد وسلم بالجميع، روى هذا النوع مسلم، وقد صلاه رسول الله ﷺ بعسفان، وهي قرية على مرحلتين من مكة بقرب خليص سميت بذلك لعسف السيول فيها وجاز عكس هذه الكيفية.
والنوع الثاني: إذا كان العدو في غير جهة القبلة أو فيها، وثم ساتر، فيصلي الإمام بهم ركعتين مرّتين كلّ مرة بفرقة كما قال تعالى: ﴿فلتقم طائفة منهم معك﴾ أي: وتتأخر طائفة ﴿وليأخذوا﴾ أي: الطائفة التي قامت معك ﴿أسلحتهم﴾ معهم ﴿فإذا سجدوا﴾ أي: صلوا ﴿فليكونوا﴾ أي: هذه الطائفة الأخرى ﴿من ورائكم﴾ يحرسون إلى أن تقضوا الصلاة وتذهب هذه الطائفة الأخرى تحرس ﴿ولتأت طائفة أخرى﴾ تحرس ﴿لم يصلوا فليصلوا معك وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم﴾ معهم إلى أن يقضوا الصلاة «وقد فعل ﷺ ذلك ببطن نخل»، رواه الشيخان وهذه الصلاة وإن جازت في غير الخوف سنت فيه عند كثرة المسلمين، وقلة عدوّهم، وخوف هجومهم عليهم في الصلاة.
(٢/٢٩٦)
---
فإن قيل: أخذ الحذر وهو الخوف مع التحفظ مجاز، وأخذ الأسلحة حقيقة، فلا يجمع بينهما أجيب: بأنّ أخذ الحذر حقيقة أيضاً تنزيلاً له منزلة الآلة على سبيل الاستعارة بالكناية، فالجمع إنما هو بين حقيقتين على أنّ الجمع بين الحقيقتين على أنّ الجمع بين الحقيقة، والمجاز جائز كما عليه الشافعي رضي الله تعالى عنه.
فإن قيل: لم ذكر أخذ الحذر في الثانية دون الأولى؟ أجيب: بأنّ الكفار يتنبهون للثانية ما لا يتنبهون للأولى.


الصفحة التالية
Icon