وروى الكلبيّ عن أبي صالح عن ابن عباس قال: نزلت هذه الآية في رجل من الأنصار يقال له طعمة بكسر الطاء وفتحها، والأوّل أفصح ابن أبيرق من بني ظفر بن الحارث سرق درعاً من جار له يقال له: قتادة بن النعمان وكانت الدرع في جراب فيه دقيق فجعل الدقيق ينتثر من خرق فيه حتى انتهى إلى الدار، ثم أخبأها عند رجل من اليهود يقال له: زيد بن السمين فالتمست الدرع عند طعمة فلم توجد وحلف ما أخذها وماله بها علم فتركوه واتبعوا أثر الدقيق حتى انتهوا إلى منزل اليهودي فأخذوها فقال: دفعها إليّ طعمة وشهد له ناس من اليهود فقالت بنو ظفر: انطلقوا بنا إلى رسول الله ﷺ واسألوه أن يجادل عن صاحبهم فقالوا: إن لم تفعل افتضح صاحبنا فهمّ رسول الله ﷺ أن يفعل؛ لأنه بريء بحلفه وأن يعاقب اليهودي لثبوت المال عنده، وقيل: همّ أن يقطع يده فقال تعالى: ﴿ولا تكن للخائنين﴾ كطعمة ﴿خصيماً﴾ أي: مخاصماً مدافعاً عنهم.
(٢/٣٠١)
---
﴿واستغفر الله﴾ أي: مما هممت به أي: من الذب عنه وهذا الاستغفار لا عن ذنب إذ هو منزه عن ذلك معصوم، ولكن عن مقام عال سام للارتقاء إلى أعلى منه وأتم ﴿إنّ الله كان غفوراً رحيماً﴾ لمن يستغفره.
﴿ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم﴾ أي: يخونونها بالمعاصي؛ لأنّ وبال خيانتهم عليهم.
(٢/٣٠٢)
---
فإن قيل: لم قال ﴿للخائنين﴾ و ﴿يختانون﴾ أنفسهم والخائن واحد فقط؟ أجيب: بأنه جمع ليتناول طعمة وكل من خان خيانته أو ليتناوله وقومه فإنهم شاركوه في الإثم حين شهدوا على براءته وخاصموا عنه، وقيل: إنّ هذا خطاب مع ﷺ والمراد به غيره كقوله تعالى: ﴿فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك﴾ (يونس، ٩٤)


الصفحة التالية
Icon