تنبيه: (من شيء) في موضع نصب على المصدر أي: شيئاً من الضر فمن مزيدة ﴿وأنزل الله عليك الكتاب﴾ أي: القرآن ﴿والحكمة﴾ أي: السنة فإنها ليست قرآناً يتلى وفسرت أيضاً بأنها علم الشرائع وكل كلام وافق الحق ﴿وعلمك ما لم تكن تعلم﴾ أي: من المشكلات وغيرها غيباً وشهادة من أحوال الدين والدنيا ﴿وكان فضل الله عليك عظيماً﴾ أي: بهذا وبغيره من أمور لا تدخل تحت الحصر، وفي هذا دليل على أن العلم من أشرف الفضائل.
(٢/٣٠٥)
---
﴿لا خير في كثير من نجواهم﴾ أي: الناس قوم طعمة فإنهم ناجوا النبيّ ﷺ في الدفع عنه وكذا غيرهم ﴿إلا﴾ نجوى ﴿من أمر بصدقة﴾ واجبة أو مندوبة ﴿أو معروف﴾ أي: عمل بر، وقيل: المراد بالصدقة الواجبة، وبالمعروف صدقة التطوّع ﴿أو إصلاح بين الناس﴾ وسواء إصلاح ذات البين وغيرهم قال ﷺ «كلام ابن آدم كله عليه لا لهُ إلا ما كان من أمر بمعروف أو نهي عن منكر أو ذكر الله»، وسمع سفيان رجلاً يقول: ما أشدّ هذا الحديث فقال: ألم تسمع الله يقول: ﴿لا خير في كثير من نجواهم﴾ فهو هذا بعينه أو ما سمعته يقول: ﴿والعصر إن الإنسان لفي خسر﴾ فهو هذا بعينه.
وروي أنه ﷺ قال: «ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصدقة والصلاة؟» قلنا: بلى يا رسول الله قال: «إصلاح ذات البين، وإفساد ذات البين هي الحالقة».
وروي أنه ﷺ قال «ليس بالكذاب من أصلح بين الناس فقال: خيراً أو أثنى خيراً» ﴿ومن يفعل ذلك﴾ أي: هذا المذكور ﴿ابتغاء﴾ أي: طلب ﴿مرضاة الله﴾ أي: لا غيره من أمور الدنيا؛ لأنّ الأعمال بالنيات ﴿فسوف يؤتيه﴾ أي: الله في الآخرة بوعد لا خلف فيه ﴿أجراً عظيماً﴾ هو الجنة والنظر إلى وجهه الكريم، وفي هذه الآية دلالة على أنّ المطلوب من أعمال الظاهر رعاية أحوال الباطن في إخلاص النية وتصفية القلب من الالتفات إلى غرض دنيوي، وقرأ أبو عمرو وحمزة (يؤتيه) بالياء، والباقون بالنون.
(٢/٣٠٧)


الصفحة التالية
Icon