---
﴿ومن يشاقق الرسول﴾ أي: يخالفه فيما جاء به مأخوذ من الشق، فإنّ كلاً من المتخالفين في شق غير شق الآخر ﴿من بعدما تبين﴾ أي: ظهر ﴿له الهدى﴾ أي: الدليل الذي هو سببه ﴿ويتبع﴾ طريقاً ﴿غير سبيل المؤمنين﴾ أي: طريقهم الذي هم عليه من الدين بأن يتبع غير دين الإسلام ﴿نوله ما تولى﴾ أي: نجعله والياً لما تولاه بأن نخلي بينه وبينه في الدنيا ﴿ونصله﴾ أي: ندخله في الآخرة ﴿جهنم﴾ يحترق فيها ﴿وساءت مصيراً﴾ أي: مرجعاً هي، وقرأ أبو عمرو وشعبة وحمزة (نوله) و(نصله) بسكون الهاء، واختلس كسرة الهاء قالون ولهشام وجهان: الإختلاس كقالون، وإشباع الحركة كباقي القرّاء.
فإن قيل: ما الحكمة في فك الإدغام في قوله تعالى: ﴿ومن يشاقق الرسول﴾ والإدغام في سورة الحشر في قوله: ﴿ومن يشاق الله﴾ (الحشر، ٤)
؟ أجيب: بأن أل في لفظ الجلالة لازم بخلافه في الرسول واللزوم يقتضي الثقل، فخفف بالإدغام فيما صحبته الجلالة بخلاف ما صحبه لفظ الرسول.
فإن قيل: يرد هذا قوله تعالى في سورة الأنفال: ﴿ومن يشاقق الله ورسوله﴾ (الأنفال، ١٣)
أجيب: أنه لما انضم الرسول إلى الله صار المعطوف والمعطوف عليه كالشيء الواحد ﴿إن الله لا يغفر أن يشرك به﴾ أي: وقوع الشرك به من أيّ شخص كان وبأي شيء كان ﴿ويغفر ما﴾ أي: كل شيء هو ﴿دون ذلك﴾ أي: من سائر المعاصي لكن ﴿لمن يشاء﴾ لأنّ جميع الأمور بمشيئته.
(٢/٣٠٨)
---


الصفحة التالية
Icon