﴿يعدهم﴾ ما لا ينجزه بأن يخيل إليهم بما يصل إلى قلوبهم بالوسوسة في شيء من الأباطيل، إنه قريب الحصول فيسعون في تحصيله فيضيع عليهم في ذلك الزمان ويرتكبوا ما لا يحل من الأهوال والهوان ﴿ويمنيهم﴾ نيل الآمال في الدنيا ولا بعث ولا جزاء ﴿وما﴾ أي: والحال إنه ما ﴿يعدهم الشيطان﴾ بذلك ﴿إلا غروراً﴾ أي: باطلاً، وهو إظهار النفع فيما فيه الضر وهذا الوعد إمّا بالخواطر أو بلسان أوليائه.
﴿أولئك﴾ أي: الشيطان وأولياؤه ﴿مأواهم﴾ أي: مقرّهم ﴿جهنّم﴾ يحترقون فيها ﴿ولا يجدون عنها محيصاً﴾ أي: معدلاً ومهرباً.
ولما ذكر ما للكافر ترهيباً اتبعه ما لغيرهم ترغيباً فقال:
(٢/٣١١)
---
﴿والذين آمنوا﴾ أي: أقرّوا بالإيمان ﴿وعملوا الصالحات﴾ أي: الطاعات تصديقاً لإقرارهم ﴿سندخلهم﴾ بوعد لا خلف فيه ﴿جنات تجري من تحتها الأنهار﴾ أي: لريّ أرضها فحيثما أجرى منها نهر جرى ﴿خالدين فيها﴾ ولما كان الخلود يطلق على المكث الطويل دفع ذلك بقوله تعالى: ﴿أبداً﴾ أي: لا إلى آخر ﴿وعد الله حقاً﴾ أي: وعدهم الله ذلك وهو قوله تعالى: سندخلهم وحقه حقاً ﴿ومن﴾ أي: لا أحد ﴿أصدق من الله قيلاً﴾ أي: قولاً، وأكثر سبحانه وتعالى من التأكيد هنا؛ لأنه في مقابلة وعد الشيطان، ووعد الشيطان موافق للهوى الذي طبعت عليه النفوس، فلا تنصرف عنه إلا بعسر شديد.
ونزل لما افتخر المسلمون وأهل الكتاب وهم اليهود والنصارى فقال أهل الكتاب: نبيِّنا قبل نبيِّكم وكتابنا قبل كتابكم فنحن أولى بالله منكم، وقال المسلمون: نبيِّنا خاتم الأنبياء وكتابنا يقضي على الكتب وقد آمنا بكتابكم ولم تؤمنوا بكتابنا فنحن أولى.
(٢/٣١٣)
---


الصفحة التالية
Icon