﴿ليس﴾ أي: الأمر منوطاً ﴿بأمانيكم﴾ أيها المسلمون ﴿ولا أمانيّ أهل الكتاب﴾ بل بالإيمان والعمل الصالح ﴿من يعمل سوأً يجز به﴾ قال ابن عباس لما نزلت هذه شقت على المسلمين وقالوا: يا رسول الله أينا لم يعمل سوأً غيرك فكيف الجزاء؟ قال: منه ما يكون في الدنيا أي: بالبلاء والمحن كما ورد في الحديث: «فمن يعمل حسنة فله عشر أمثالها ومن جوزي بالسيئة نقصت واحدة من عشرة وبقي له تسع حسنات، فويل لمن غلبت آحاده أعشاره» وأمّا ما كان جزاء في الآخرة فيقابل بين حسناته وسيئاته فيلقى مكان كل سيئة حسنة وينظر في الفضل فيعطي الجزاء في الجنة فيؤتي كل ذي فضل فضله، وعن أبي بكر رضي الله تعالى عنه قال: كنت عند رسول الله ﷺ فأنزلت عليه ﴿من يعمل سوأً يجز به﴾ ﴿ولا يجد له من دون الله﴾ أي: غيره ﴿ولياً﴾ أي: يحفظه ﴿ولا نصيراً﴾ أي: يمنعه منه قال رسول الله ﷺ «يا أبا بكر ألا أقرئك آية نزلت عليّ؟» قلت: بلى يا رسول الله قال: فأقرأنيها قال: ولا أعلم أني قد وجدت انفصاماً في ظهري حتى تمطيت لها فقال رسول الله ﷺ مالك يا أبا بكر فقلت: يا رسول الله بأبي أنت وأمي وأينا لم يعمل سوءاً وإنا لمجزيون بكل سوء عملناه؟ فقال رسول الله ﷺ «أمّا أنت يا أبا بكر وأصحابك المؤمنون فتجزون بذلك في الدنيا» أي: بالبلاء والمحن كما مرّ حتى تلقوا الله وليس لكم ذنوب، «وأمّا الآخرون فيجمع ذلك لهم حتى يجزوا يوم القيامة».
(٢/٣١٤)
---


الصفحة التالية
Icon