كما «يروى أن سودة كانت امرأة كبيرة أراد النبيّ ﷺ أن يفارقها فقالت: لا تطلقني وإنما بي أن أبعث في نسائك وقد جعلت نوبتي لعائشة فأمسكها رسول الله ﷺ وكان يقسم لعائشة يومها ويوم سودة» ثم بين سبحانه وتعالى ما جبل عليه الإنسان بقوله: ﴿وأحضرت الأنفس الشح﴾ أي: جبلت عليه فكأنها حاضرة لا تغيب عنه، فلا تكاد المرأة تسمح بالإعراض عنها والتقصير في حقها ولا بنفسه بأن يمسكها ويقوم بحقها على ما بنبغي إذ الزوج لا يكاد يسمح بنفسه إذا كرهها وخصوصاً إذا أحب غيرها، والشح أقبح البخل وحقيقته الحرص على منع الخير ﴿وإن تحسنوا﴾ أي: في عشرة النساء وإن كنتم كارهين ﴿وتتقوا﴾ أي: النشوز والإعراض ونقص الحق ﴿فإنّ الله كان﴾ أزلاً وأبداً ﴿بما تعملون﴾ أي: من الإحسان والخصومة ﴿خبيراً﴾ أي: عليماً به وبالغرض منه فيجازيكم عليه.
﴿ولن تستطيعوا﴾ أي: توجدوا من أنفسكم طواعية بالغة دائمة ﴿إن تعدلوا﴾ أي: تسووا بين ﴿النساء﴾ أي: في المحبة؛ لأنّ العدل أن لا يقع ميل البتة وهو متعذر، ولذلك كان رسول الله ﷺ يقسم بين نسائه فيعدل ويقول: «هذا قسمي فيما أملك فلا تؤاخذني فيما تملك ولا أملك» رواه أبو داود وغيره وصححه الحاكم ﴿ولو حرصتم﴾ على تحرّي ذلك وبالغتم فيه ﴿فلا تميلوا﴾ أي: إلى التي تحبونها ﴿كل الميل﴾ في القسم والنفقة فإنّ ما لا يدرك كله لا يترك كله ﴿فتذروها﴾ أي: تتركوا المرأة الممال عنها ﴿كالمعلقة﴾ أي: التي لا هي أيم ولا ذات بعل.
وعن النبيّ ﷺ «من كان له امرأتان يميل إلى إحداهما جاء يوم القيامة وإحدى شقيه مائل» رواه أبو داود وغيره وصححه الحاكم.
(٢/٣٢٠)
---


الصفحة التالية
Icon