وروي أنّ عمر رضي الله تعالى عنه بعث إلى أزواج النبيّ ﷺ بمال فقالت عائشة رضي الله تعالى عنها: إلى كل أزواج النبيّ ﷺ بعث عمر مثل هذا قالوا: لا بعث إلى القرشيات بمثل هذا وإلى غيرهنّ بغيره فقالت: ارفع رأسك فإنّ رسول الله ﷺ كان يعدل بيننا في القسمة بماله ونفسه فرجع الرسول فأخبره فأتم لهنّ جميعاً، وكان لمعاذ رضي الله تعالى عنه امرأتان فإذا كان عند إحداهما لم يتوضأ في بيت الأخرى فماتتا في الطاعون فدفنهما في قبر واحد ﴿وإن تصلحوا﴾ أي: ما كنتم تفسدون من أمورهنّ ﴿وتتقوا﴾ فيما يستقبل ﴿فإنّ الله كان غفوراً﴾ أي: لما في قلوبكم من الميل ﴿رحيماً﴾ بكم في ذلك وغيره فإنه أرحم الراحمين.
﴿وإن يتفرّقا﴾ أي: يفترق كل من الزوجين من صاحبه بالطلاق ﴿يغن الله كلاً﴾ منهما عن الآخر ببدل بأن يرزقها زوجاً ويرزقه غيرها أو سلواً ﴿من سعته﴾ أي: من فضله وكرمه ﴿وكان الله واسعاً﴾ أي: واسع الفضل والرحمة بخلقه ﴿حكيماً﴾ أي: فيما دبره لهم، وفي قوله تعالى:
﴿و ما في السموات وما في الأرض﴾ أي: ملكاً وعبيداً تنبيه على كمال سعته وقدرته ﴿ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب﴾ أي: جنس الكتب ﴿من قبلكم﴾ أي: اليهود والنصارى ومن قبلهم وقوله تعالى: ﴿وإياكم﴾ عطف على الذين وهو خطاب لأهل القرآن ﴿أن اتقوا الله﴾ أي: بأن اتقوا الله أي: خافوا عقابه بأن تطيعوه، وقوله تعالى: ﴿وإن تكفروا﴾ أي: بما وصيتم به ﴿فإنّ ما في السموات وما في الأرض﴾ على إرادة القول. قال التفتازاني: لأنّ الجملة الشرطية لا تصح أن تقع بعد أن المصدرية فلا يصح عطفها على الواقع بعدها أي: وقلنا لهم ولكم إن تكفروا فإنّ الله مالك الملك كله لا يتضرر بكفركم ومعاصيكم كما لا ينتفع بشكركم وتقواكم وإنما يوصيكم لرحمته لا لحاجته. ثم قرّر ذلك بقوله تعالى: ﴿وكان الله غنياً﴾ عن الخلق وعبادتهم ﴿حميداً﴾ في ذاته حمد أو لم يحمد.
(٢/٣٢١)
---


الصفحة التالية
Icon