﴿من كان يريد ثواب الدنيا﴾ الخسيسة الفانية كالمجاهد يجاهد للغنيمة لقصور نظره على الخسيس الحاضر مع خسته كالبهائم ﴿فعند الله ثواب الدنيا﴾ الخسيسة الفانية ﴿والآخرة﴾ النفيسة الباقية لا عند غيره فما له يطلب الخسيس فليطلبهما منه كمن يقول: ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة، أو ليطلب الأشرف منهما فإنّ من غلب همته فأقبل بقلبه إليه وقصر همه عليه جمع له سبحانه وتعالى بينهما كمن يجاهد لله خالصاً يجمع له بين الآخرة والمغنم ﴿وكان الله سميعاً﴾ أي: بالغ السمع لكل قول وإن خفي ﴿بصيراً﴾ أي: بالغ البصر لكل ما يبصر وإن خفي.
(٢/٣٢٣)
---
أي: قائمين قياماً بليغاً مواظباً عليه مجتهداً فيه ﴿بالقسط﴾ أي: بالعدل ﴿شهداء ﴾ بالحق أي: تقيمون شهادتكم لوجه الله ﴿ولو﴾ كانت الشهادة ﴿على أنفسكم﴾ فاشهدوا عليها بأن تقرّوا بالحق ولا تكتموه ﴿أو الوالدين والأقربين﴾ أي: ولو كانت الشهادة على والديكم وأقاربكم ﴿إن يكن﴾ أي: المشهود عليه ﴿غنياً﴾ فلا تمنع الشهادة عليه لغناه طلباً لرضاه ﴿أو فقيراً﴾ فلا تمنع ترحماً عليه ﴿فا أولى بهما﴾ أي: الغني والفقير وبالنظر لهما فلو لم تكن الشهادة لهما أو عليهما صلاحاً لما شرعها.
تنبيه: الضمير في (بهما) راجع إلى ما دلّ عليه المذكور وهو جنس الغني والفقير لا إليهما وإلا لوحد الضمير لكون العطف بأو، فكأنه قال: فالله أولى بجنس الغني والفقير أي: بالأغنياء والفقراء ﴿فلا تتبعوا الهوى﴾ أي: في شهادتكم بأن تحابوا الغني لرضاه أو الفقير رحمة له ﴿أن تعدلوا﴾ أي: إرادة أن تعدلوا فقد بان لكم أن لا عدل في ذلك، أو لئلا تعدلوا أي: تميلوا عن الحق ﴿وإن تلووا﴾ أي: ألسنتكم لتحرفوا الشهادة ﴿أو تعرضوا﴾ أي: عن أدائها ﴿فإنّ الله كان بما تعملون خبيراً﴾ فيجازيكم به. وقرأ ابن عامر وحمزة بضم اللام وحذف الواو الأولى، والباقون بسكون اللام وواوين الأولى مضمومة.


الصفحة التالية
Icon