﴿يأيها الذين آمنوا آمنوا﴾ أي: داوموا على الإيمان ﴿با ورسوله والكتاب الذي نزل على رسوله﴾ محمد ﷺ وهو القرآن ﴿والكتاب الذي أنزل من قبل﴾ على الرسل بمعنى الكتب أي: آمنوا بجميع كتب الله المنزلة وقيل: إنّ الخطاب في ذلك لأهل الكتاب.
روي أنّ ابن سلام وأصحابه قالوا: يا رسول الله إنا نؤمن بك وبكتابك وبموسى والتوراة وعزير، ونكفر بما سواه، فقال لهم النبيّ ﷺ «بل آمنوا بالله ورسوله محمد والقرآن وبكل كتاب كان قبله» فأنزل الله تعالى هذه الآية.
(٢/٣٢٥)
---
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر بضم النون من (نزل)، وضم الهمزة من (أنزل) وكسر الزاي فيهما، والباقون بفتح النون والهمزة وفتح الزاي فيهما ﴿ومن يكفر با وملائكته وكتبه﴾ التي أنزل على أنبيائه ﴿ورسله﴾ أي: من الملائكة والبشر ﴿واليوم الآخر﴾ أي: الذي أخبرت به رسله وهو يوم القيامة أي: ومن يكفر بشيء من ذلك ﴿فقد ضل ضلالاً بعيداً﴾ عن الحق بحيث لا يكاد يعود إليه، وقرأ قالون وابن كثير وعاصم بإظهار دال قد عند الضاد والباقون بالإدغام.
﴿إن الذين آمنوا﴾ أي: بموسى وهم اليهود ﴿ثم كفروا﴾ حين عبدوا العجل ﴿ثم آمنوا﴾ بعد عود موسى إليهم ﴿ثم كفروا﴾ بعيسى ﴿ثم ازدادوا كفراً﴾ بمحمد ﷺ ﴿لم يكن الله ليغفر لهم﴾ أي: ما داموا على هذه الحالة؛ لأنه لا يغفر أن يشرك به ﴿ولا ليهديهم سبيلاً﴾ أي: طريقاً إلى الحق ﴿بشر المنافقين﴾ يا محمد ﴿بأنّ لهم عذاباً أليماً﴾ أي: مؤلماً هو النار.
تنبيه: وضع بشر مكان أنذر تهكماً بهم، وقوله تعالى:
﴿الذين﴾ بدل أو نعت للمنافقين ﴿يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين﴾ لما يتوهمون فيهم من القوّة وقوله تعالى: ﴿أيبتغون﴾ أي: أيطلبون ﴿عندهم العزة﴾ استفهام إنكاري أي: لا يجدونها عندهم ﴿فإن العزة جميعاً﴾ في الدنيا والآخرة ولا ينالهما إلا أولياؤه قال الله تعالى: ﴿و العزة ولرسوله وللمؤمنين﴾ (المنافقون، ٨).


الصفحة التالية
Icon