﴿الذين﴾ إمّا بدل من الذين قبله، وإمّا صفة للمنافقين، وإمّا نصب على الذم منهم ﴿يتربصون﴾ أي: ينتظرون وقوع أمر ﴿بكم فإن كان لكم فتح من الله﴾ أي: ظفر وغنيمة ﴿قالوا﴾ لكم ﴿ألم نكن معكم﴾ أي: في الدين والجهاد فاجعلوا لنا نصيباً من الغنيمة ﴿وإن كان للكافرين نصيب﴾ أي: من الظفر، فإنّ الحرب سجال، وعبر بنصيب تحقيراً لظفرهم بالنسبة لما حصل للمسلمين من الفتح ﴿قالوا﴾ لهم ﴿ألم تستحوذ﴾ أي: نستول ﴿عليكم﴾ ونقدر على أخذكم وقتلكم فأبقينا عليكم ﴿ونمنعكم من المؤمنين﴾ أي: من تسلطهم عليكم بما كنا نخادعهم به ونشيع فيهم من الإرجافات والأمور المرعبات الصارفة لهم عن كثير من المقاصد لتصديقهم لنا لإظهارنا الإيمان، ومراد المنافقين بذلك إظهار المنة على الكافرين ﴿فا يحكم بينكم﴾ وبينهم ﴿يوم القيامة﴾ بأن يدخلكم الجنة ويدخلهم النار ﴿ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً﴾ أي: طريقاً بالاستئصال، واحتج أصحابنا بهذه الآية عدلى فساد شراء الكافر العبد المسلم.
﴿إن المنافقين يخادعون الله﴾ أي: بإظهارهم خلاف ما يبطنونه من الكفر ليدفعوا عنهم أحكامهم الدنيوية ﴿وهو خادعهم﴾ أي: مجازيهم على خداعهم فيفضحهم في الدنيا باطلاع نبيه على ما أبطنوه ويعاقبهم في الآخرة ﴿وإذا قاموا إلى الصلاة﴾ مع المؤمنين ﴿قاموا كسالى﴾ أي: متثاقلين كالمكرهين على الفعل ﴿يراؤن الناس﴾ بصلاتهم ليظنوهم مؤمنين ﴿ولا يذكرون الله﴾ أي: ولا يصلون ﴿إلا قليلاً﴾ أي: حين يتعين ذلك طريقاً لمخادعتهم ولا يصلون غائبين قط عن عيون الناس وما يجهرون به أيضاً إلا قليلاً؛ لأنهم ما وجدوا مندوحة عن تكلف ما ليس في قلوبهم لم يتكلفوه ويجوز أن يراد بالقلة العدم.
فإن قيل: أما معنى المراآة وهي مفاعلة من الرؤية؟ أجيب: بأنّ المرائي يريهم عمله وهم يرون استحسانه، وقوله تعالى:
(٢/٣٢٩)
---


الصفحة التالية
Icon