﴿مذبذبين﴾ حال من واو يراؤن أي: مترددين ﴿بين ذلك﴾ أي: الكفر والإيمان ﴿لا﴾ منسوبين ﴿إلى هؤلاء﴾ أي: الكفار ﴿ولا إلى هؤلاء﴾ أي: المؤمنين ﴿ومن يضلل الله﴾ أي: يضله ﴿فلن تجد له سبيلاً﴾ أي: طريقاً إلى الهدى ونظيره قوله تعالى: ﴿ومن لم يجعل الله له نوراً فما له من نور﴾ (النور، ٤٠)
﴿يأيها الذين آمنوا لا تتخذوا الكافرين﴾ أي: المجاهرين بالكفر ﴿أولياء من دون المؤمنين﴾ فإنه صنيع المنافقين وديدنهم فلا تتشبهوا بهم ﴿أتريدون أن تجعلوا عليكم﴾ أي: بموالاتهم ﴿سلطاناً﴾ أي: دليلاً على كفركم باتباعهم غير سبيل المؤمنين ﴿مبيناً﴾ أي: واضحاً على نفاقكم.
﴿إنّ المنافقين في الدرك﴾ أي: البطن ﴿الأسفل من النار﴾ أي: لأنّ ذلك أخفى ما في النار وأستره وأخبثه كما أنّ كفرهم أخفى الكفر وأخبثه وأستره وسميت طبقات النار دركات؛ لأنها متداركة متتابعة إلى أسفل كما إنّ الدرج متراقية إلى فوق.
فإن قيل: لم كان المنافق أشدّ عذاباً من الكافر؟ أجيب: بأنِه مثله في الكفر وضم إلى كفره الاستهزاء بالإسلام وأهله، وقرأ عاصم وحمزة والكسائي بسكون الراء والباقون بفتحها ﴿ولن تجد لهم نصيراً﴾ أي: مانعاً يمنعهم من عذاب الله تعالى فيخرجهم ﴿إلا الذين تابوا﴾ أي: رجعوا عما كانوا عليه من النفاق ﴿وأصلحوا﴾ أي: أعمالهم ﴿واعتصموا﴾ أي: وثقوا ﴿با وأخلصوا دينهم ﴾ من الرياء فلا يريدون بطاعتهم إلا وجهه تعالى ﴿فأولئك مع المؤمنين﴾ في الجنة ﴿وسوف يؤت الله المؤمنين أجراً عظيماً﴾ فيشاركونهم ويساهمونهم.
(٢/٣٣٠)
---


الصفحة التالية
Icon