فإن قيل: من المنافق؟ أجيب: بأنه في الشريعة من أظهر الإيمان وأبطن الكفر، وأمّا تسمية من ارتكب ما يفسق به منافقاً فللتغليظ كقوله ﷺ «من ترك الصلاة متعمّداً فهو كافر» ومنه قوله ﷺ «ثلاث من كنّ فيه فهو منافق وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم: من إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا اؤتمن خان» وقيل لحذيفة رضي الله تعالى عنه: من المنافق؟ قال: الذي يصف الإسلام ولا يعمل به، وقيل لابن عمر رضي الله تعالى عنهما: ندخل على السلطان ونتكلم بكلام فإذا خرجنا تكلمنا بخلافه فقال: كنا نعده من النفاق.
فائدة: اتفق كتاب المصاحف على حذف الياء من ﴿يؤت الله﴾ ولا سبب لحذفها.
﴿ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم﴾ نعماءه ﴿وآمنتم به﴾ أي: لينفي به غيظاً أو يدفع ضراً أو يستجلب به نفعاً، وهو الغنيّ المطلق المتعالي عن النفع والضرّ، والاستفهام بمعنى النفي أي: لا يعذبكم.
فإن قيل: لم قدم الشكر على الإيمان مع أنه لا ينفع مع عدم الإيمان؟ أجيب: بأنّ الناظر يدرك النعمة أوّلاً فيشكر شكراً مبهماً فإذا انتهى إلى معرفة المنعم آمن به، ثم شكر شكراً مفصلاً، فكان الشكر متقدّماً على الإيمان، وكأنه أصل التكليف ومداره فيؤمن به، والشكر ضدّ الكفر، فالكفر ستر النعمة، والشكر إظهارها ﴿وكان الله شاكراً﴾ لأعمال المؤمنين بالإثابة يقبل اليسير ويعطي الجزيل ﴿عليماً﴾ بخلقه.
(٢/٣٣١)
---
﴿لا يحب الله الجهر بالسوء﴾ أي: القبيح ﴿من القول﴾ من أحد أي: يعاقب عليه ﴿إلا من﴾ أي: جهر من ﴿ظلم﴾ وهو أن يدعو على الظالم ويذكره بما هو فيه من السوء فلا يؤاخذ به قال الله تعالى: ﴿ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل﴾ (الشورى، ٤١)
(٢/٣٣٢)
---


الصفحة التالية
Icon