قال الحسن البصري: دعاؤه عليه أن يقول: اللهمّ أعني عليه اللهمّ استخرج حقي منه، وقيل: إن شئتم أجاز له أن يشتم بمثله لا يزيد عليه، وقال مجاهد: هذا في الضيف إذا نزل بقوم فلم يقروه ولم يحسنوا ضيافته فله أن يشكو ويذكر ما صنع به.
روي أنّ رجلاً أضاف قوماً أي: نزل بهم ضيفاً فلم يطعموه فأصبح شاكياً فعوتب على الشكاية فنزلت، وعن عقبة بن عامر قال: قلنا يا رسول الله، إنك تبعثنا فننزل بقوم فلا يقرونا فما ترى؟ فقال لنا رسول الله ﷺ «إن نزلتم بقوم فأمروا لكم بما ينبغي للضيف فاقبلوا، وإن لم يفعلوا فخذوا منهم حق الضيف الذي ينبغي لهم» ﴿وكان الله سميعاً﴾ لكل ما يقال ومنه دعاء المظلوم ﴿عليماً﴾ بكل ما يفعل ومنه فعل الظالم.
﴿إن تبدوا﴾ أي: تظهروا ﴿خيراً﴾ من أعمال البرّ ﴿أو تخفوه﴾ أي: تعملوه سراً ﴿أو تعفوا عن سوء﴾ أي: عن مظلمة ﴿فإن الله كان﴾ أي: دائماً أزلاً وأبداً ﴿عفوّاً قديراً﴾ أي: يكثر العفو عن العصاة مع كمال قدرته على الانتقام فأنتم أولى بذلك وهو حث للمظلوم على تمهيد العفو بعدما رخص له في الانتصار حملاً على مكارم الأخلاق وقوله تعالى:
﴿إنّ الذين يكفرون با ورسله﴾ نزل في اليهود وذلك أنهم آمنوا بموسى والتوراة وعزير وكفروا بعيسى والإنجيل ومحمد ﷺ والقرآن ﴿ويريدون أن يفرّقوا بين الله ورسله﴾ بأن يؤمنوا بالله ويكفروا برسله ﴿ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض﴾ أي: نؤمن ببعض الأنبياء ونكفر ببعضهم ﴿ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلاً﴾ أي: طريقاً وسطاً بين اليهودية والإسلام، ولا واسطة إذ الحق لا يختلف، فإنّ الإيمان بالله إنما يتم بالإيمان برسله وتصديقهم فيما بلغوا عنه تفصيلاً وإجمالاً، والكفر ببعض ذلك كالكافر بالكل في الضلال قال تعالى: ﴿فماذا بعد الحق إلا الضلال﴾ (يونس/ ٣٢).B
(٢/٣٣٣)
---


الصفحة التالية
Icon