﴿ورفعنا فوقهم الطور﴾ أي: الجبل العظيم ﴿بميثاقهم﴾ أي: بسبب أخذ الميثاق عليهم ليخافوا فيقبلوه ﴿وقلنا لهم﴾ على لسان موسى ﷺ والطور مظلل عليهم ﴿ادخلوا الباب﴾ أي: الذي لبيت المقدس ﴿سجداً﴾ أي: سجود انحناء ﴿وقلنا لهم﴾ أي: على لسان داود ﴿لا تعدوا﴾ أي: لا تتجاوزوا ما حددناه لكم ﴿في السبت﴾ أي: لا تعملوا فيه عملاً من الأعمال تسمية للشيء باسم سببه سمي عدواً؛ لأنّ العامل للشيء يكون لشدّة إقباله عليه كأنه يعدو، ويحتمل أن يكون ذلك على لسان موسى حين ظلل عليهم الجبل، فإنه شرع السبت أي: ترك العمل فيه ولكن كان الاعتداء في السبت، والمسخ به في زمن داود. وقرأ ورش بفتح العين مع تشديد الدال وقرأ قالون باختلاس حركة العين مع تشديد الدال، والباقون بسكون العين وتخفيف الدال، ﴿وأخذنا منهم ميثاقاً غليظاً﴾ على ذلك وهو قولهم سمعناه وأطعنا، ومعاهدتهم على أن يقيموا عليه، ثم نقضوه بعد، كما قال تعالى:
(٢/٣٣٦)
---
أي: فبنقضهم وما مزيدة للتوكيد، والباء للسببية متعلقة بمحذوف أي: لعناهم بسبب نقضهم ﴿ميثاقهم وكفرهم بآيات الله﴾ أي: القرآن أو بما في كتابهم ﴿وقتلهم الأنبياء بغير حق﴾ فإنهم معصومون من كل نقيصة ومبرؤن من كل ريبة لا يتوجه عليهم حق ﴿وقولهم قلوبنا غلف﴾ أي: أوعية للعلوم أو في أكنة مما تدعونا إليه فلا نعي كلامك ﴿بل طبع الله﴾ أي: ختم ﴿عليها بكفرهم﴾ فلا تعي وعظاً ﴿فلا يؤمنون إلا قليلاً﴾ منهم كعبد الله بن سلام وأصحابه أو إيماناً قليلاً لا عبرة به بأن يؤمنوا وقتاً يسيراً كوجه النهار ويكفروا في غيره، ويؤمنوا ببعض ويكفروا ببعض، وقوله تعالى:


الصفحة التالية
Icon