وروى عكرمة: إن الهاء في قوله تعالى: ﴿ليؤمنن به﴾ كناية عن محمد ﷺ يقول: لا يموت كتابي حتى يؤمن بمحمد ﷺ وقيل: الهاء راجعة إلى الله عز وجل يقول: وإنّ من أهل الكتاب إلا ليؤمنن بالله عز وجل قبل موته عند المعاينة حين لا ينفعه إيمانه ﴿ويوم القيامة يكون﴾ أي: عيسى على القول الأوّل ﴿عليهم شهيداً﴾ إنه قد بلغهم رسالة ربه وأقرّ بالعبودية على نفسه كما قال تعالى مخبراً عنه: ﴿وكنت عليهم شهيداً ما دمت فيهم﴾ (المائدة/ ١١٧). وكل نبيّ شاهد على أمّته قال تعالى: ﴿فكيف إذا جئنا من كل أمّة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيداً﴾ (النساء، ٤١).
﴿فيظلم من الذين هادوا﴾ وهو ما تقدّم ذكره من نقضهم الميثاق وبكفرهم بآيات الله وبهتانهم على مريم، وقولهم: ﴿إنا قتلنا المسيح عيسى بن مريم﴾ (النساء، ١٥٧)
﴿حرّمنا عليهم طيبات أحلت لهم﴾ أي: كان وقع إحلالها لهم في التوراة، ثم حرّمت عليهم وهي التي في قوله تعالى في سورة الأنعام: ﴿وعلى الذين هادوا حرّمنا كل ذي ظفر﴾ (الأنعام، ١٤٦)
(٢/٣٤١)
---
الآية ﴿وبصدّهم﴾ أي: الناس ﴿عن سبيل الله﴾ أي: دينه، وقوله تعالى: ﴿كثيراً﴾ صفة مصدر محذوف أي: صدّاً كثيراً بالإضلال عن الطريق، فمنعوا مستلذات تلك المآكل بما منعوا أنفسهم وغيرهم من لذاذة الإيمان.
﴿وأخذهم الربا وقد﴾ أي: والحال إنهم قد ﴿نهوا عنه﴾ في التوراة، فكان محرماً عليهم كما هو محرّم علينا؛ لأنه قبيح في نفسه مزر بصاحبه، وفي الآية دليل على أنّ النهي للتحريم ﴿وأكلهم أموال الناس بالباطل﴾ أي: من الرشا في الحكم والمآكل أي: التي كانوا يصيبونها من عوامهم عاقبناهم بأن حرمنا عليهم طيبات، فكانوا كلما ارتكبوا كبيرة حرّم عليهم شيء من الطيبات التي كانت حلالاً لهم قال تعالى: ﴿ذلك جزيناهم ببغيهم وإنا لصادقون﴾ (الأنعام، ١٤٦)
﴿وأعتدنا للكافرين منهم عذاباً أليماً﴾ أي: مؤلماً دون من تاب وآمن.


الصفحة التالية
Icon