روي أنه سبحانه وتعالى بعث ثمانية آلاف نبيّ: أربعة آلاف من بني إسرائيل وأربعة آلاف من سائر الناس، قاله الجلال المحلي في سورة غافر، وقوله تعالى: ﴿وكلم الله موسى تكليماً﴾ هو منتهى مراتب الوحي أي: كلمه على التدريج شيئاً فشيئاً بحسب المصالح بغير واسطة ملك، فلا فرق في الوحي بين ما كان بواسطة وبين ما كان بلا واسطة وخص به موسى من بين سائر الأنبياء غير نبينا، وأما نبينا ﷺ فقد فضله الله بأن أعطاه مثل ما أعطى كل واحد منهم وقوله تعالى:
﴿رسلاً﴾ بدل من رسلاً قبله ﴿مبشرين﴾ أي: بالثواب من آمن ﴿ومنذرين﴾ أي: مخوّفين بالعذاب من كفر وقوله تعالى: ﴿لئلا يكون للناس على الله حجة﴾ متعلق بأرسلنا أو بمبشرين ومنذرين أي: حجة فقال: ﴿بعد﴾ إرسال ﴿الرسل﴾ فيقولوا: ربنا لولا أرسلت إلينا رسولاً فنتبع آياتك ونكون من المؤمنين، فبعثناهم لقطع عذرهم.
فإن قيل: كيف يكون للناس على الله حجة قبل الرسل وهم محجوجون بما نصبه الله تعالى من الأدلة التي النظر فيها يوصل إلى المعرفة؟ أجيب: بأنّ الرسل ينبهون عن الغفلة وباعثون على النظر في الأدلة فإرسالهم ضروري ﴿وكان الله عزيزاً﴾ في ملكه لا يغلب فيما يريده ﴿حكيماً﴾ في صنعه.
(٢/٣٤٦)
---


الصفحة التالية
Icon