قال التفتازاني: إنما يصح هذا لو ثبت سبق قوله تعالى: ﴿أنهار من ماء غير آسن﴾ في الذكر. اه. والنهر بالفتح والسكون: المجرى الواسع فوق الجدول ودون البحر كالنيل والفرات، والمراد بالأنهار ماؤها على حذف مضاف أو تسمية للماء باسم مجراه مجازاً وإسناد الجري إليها مجاز كما في قوله تعالى: ﴿وأخرجت الأرض أثقالها﴾ (الزلزلة، ٢) ﴿كلما رزقوا منها من ثمرة رزقاً﴾ أي: أطعموا من تلك الجنات ثمرة، ومن صلة ﴿قالوا هذا الذي رزقناكم﴾ أي: أطعمنا ﴿من قبل﴾ أي: من قبل هذا في الدنيا جعل الله تعالى ثمر الجنة من جنس ثمر الدنيا لتميل النفس إليه أوّل ما يرى فإنّ الطبائع مائلة إلى المألوف مستنفرة من غيره أي: هذا من نوعه لتشابه ما يؤتون به في الصورة كما قال تعالى: ﴿وأتوا به متشابهاً﴾ أي: في اللون والصورة مختلفاً في الطعم وذلك أبلغ في باب الاعجاز، والداعي لهم إلى ذلك فرط استغرابهم وافتخارهم بما وجدوا من التفاوت العظيم في اللذة والتشابه البليغ في الصورة، وقيل: في الجنة لأن طعامها متشابه الصورة كما حكي عن الحسن أنّ أحدهم يؤتى بالصحفة فيأكل كل منها ثم يؤتى بأخرى فيراها مثل الأولى فيقول ذلك فتقول الملائكة: كل فاللون واحد والطعم مختلف أو كما روي أنه عليه الصلاة والسلام قال: «والذي نفس محمد بيده إنّ الرجل من أهل الجنة ليتناول الثمرة ليأكلها فما هي واصلة إلى فيه حتى يبدّل الله مكانها مثلها» وعن مسروق: نخل الجنة نضيد من أصلها إلى فرعها وثمرها أمثال القلال كلما نزعت ثمرة عادت مكانها أخرى والعنقود اثنا عشر ذراعاً.
(١/٨٠)
---


الصفحة التالية
Icon