وفي الحديث «الوسيلة منزلة في الجنة» ﴿وجاهدوا في سبيله﴾ بمحاربه أعدائه لتكون كلمة الله هي العليا ﴿لعلكم تفلحون﴾ بالوصول إلى الله عز وجل والفوز بكرامته.
﴿إنّ الذين كفروا لو﴾ ثبت ﴿أنّ لهم ما في الأرض﴾ من صنوف الأموال وأكده بقوله: ﴿جميعاً ومثله معه ليفتدوا به﴾ أي: ليجعلوه فدية لأنفسهم ﴿من عذاب يوم القيامة ما تقبل منهم﴾ أي: لأنّ المدفوع إليه ذلك تامّ القدرة وله الغنى المطلق ﴿ولهم﴾ بعد ذلك ﴿عذاب أليم﴾ أي: مؤلم.
(١٥/٥٩)
---
﴿يريدون أن يخرجوا﴾ أي: أن يكون لهم الخروج في وقت مّا إذا رفعهم اللهب إلى أن يكاد أن يلقيهم خارجاً ﴿من النار﴾ ثم نفى خروجهم على وجه التأكيد فقال: ﴿وما هم بخارجين منها﴾ أي: ما يثبت لهم خروج أصلاً ﴿ولهم﴾ خاصة دون عصاة المؤمنين ﴿عذاب مقيم﴾ أي: دائم تارة بالبرد وتارة بالحرّ وتارة بغيرهما.
فإن قيل: قال تعالى: ﴿لا يذوقون فيها برداً﴾ (النبأ، ٢٤) فهو ينافي ما ذكر أجيب: بأن المراد بالبرد في الآية النوم فلا منافاة وأن في قوله تعالى:
﴿والسارق والسارقة﴾ موصولة مبتدأ أي: والذي سرق والتي سرقت ولشبهه بالشرط دخلت الفاء في خبره وهو ﴿فاقطعوا أيديهما﴾ أي: يمين كلّ واحد منهما من الكوع كما بيّنته السنة كما بيّنت أنه لا بدّ أن يكون المسروق ربع دينار فصاعداً من حرز مثله من غير شبهة له فيه، وأنه إذا عاد قطعت رجله اليسرى من مفصل القدم ثم اليد اليسرى ثم الرجل اليمنى ثم بعد ذلك يعزر.
ثم علّل تعالى ذلك بقوله: ﴿جزاء بما كسبا﴾ أي: فعلا من ذلك ثم علّل تعالى هذا الجزاء بقوله: ﴿نكالاً﴾ أي: عقوبة لهما ﴿من الله﴾ وأعاد الاسم الأعظم تعظيماً للأمر فقال: ﴿وا عزيز﴾ أي: غالب على أمره ﴿حكيم﴾ أي: بالغ الحكم والحكمة في خلقه.