(١/٨٦)
---
كقرصة النملة، والطنب حبل الخباء، والفسطاط بيت من شعر. ﴿فأمّا الذين آمنوا فيعلمون أنه﴾ أي: ضرب المثل بذلك ﴿الحق﴾ أي: الواقع موقعه ﴿من ربهم﴾ لأن الحق هو الثابت الذي لا يسوغ إنكاره. وهم يعم الأعيان الثابتة والأفعال الصائبة والأقوال الصادقة من قولهم: حق إذا ثبت ومنه ثوب محقق، أي: محكم النسج، وأمّا حرف تفصيل يفصل ما أجمل ويؤكد ما به صدر ويتضمن معنى الشرط ولذلك يجاب بالفاء، قال سيبويه: أمّا زيد فذاهب معناه مهما يكن من شيء فزيد ذاهب أي: هو ذاهب لا محالة وأنه منه عزيمة، وكان الأصل دخول الفاء على الجملة لا الخبر لكن كرهوا إيلاءها حرف الشرط فأدخلوا الفاء على الخبر وعوضوا المبتدأ عن جملة الشرط لفظاً ﴿وأمّا الذين كفروا فيقولون ماذا﴾ يحتمل وجهين: أن تكون ما استفهامية وذا بمعنى الذي وما بعده صلته والمجموع خبر ما، وأن تكون ما مع ذا اسماً واحداً بمعنى أيّ شيء ﴿أراد الله بهذا﴾ فهو منصوب المحل على المفعولية لأراد فما وذا كما في «الكشاف» في حكم ما وحده لو قلت ما أراد الله وكان من حقه، وأمّا الذين كفروا فلا يعلمون ليطابق قرينه وهو الذين آمنوا ويقابل قسيمه وهو يعلمون أنه الحق، لكن لما كان قولهم هذا دليلاً واضحاً على كمال جهلهم عدل إليه على سبيل الكناية عن عدم علمهم ليكون كالبرهان عليه والإرادة صفة ذاتية قديمة زائدة على العلم ترجح أحد مقدوريه على الآخر وتخصصه بوجه دون وجه بخلاف القدرة فإنها لا تخصص الفعل ببعض الوجوه بل هي موجدة للفعل مطلقاً وقوله تعالى: ﴿مثلاً﴾ نصب على الحال من اسم الإشارة والعامل فيه اسم الإشارة أو التمييز والمعنى أي فائدة في ذلك فقال تعالى: ﴿يضلّ به كثيراً﴾ بأن يكذبوا به ﴿ويهدي به كثيراً﴾ بأن يصدقوا به وكثرة كل واحد من القبيلين بالنظر إلى أنفسهم لا بالقياس أي: لا بالنظر إلى مقابليهم فإنّ المهتدين قليلون بالإضافة إلى أهل الضلال كما قال تعالى: ﴿وقليل من عبادي الشكور﴾