(سبأ، ١٣)
(١/٨٧)
---
ويحتمل أن تكون كثرة الضالين من حيث العدد وكثرة المهتدين باعتبار الفضل والشرف كما قال المتنبي في مدح علي بن يسار:
سأطلب حقي بالقنا ومشايخ ** كأنهم من طول ما التثموا مرد*
*ثقال إذا لاقوا خفاف إذا دعوا ** قليل إذا عدّوا كثيراً إذا شدوا*
وقال: إن الكرام كثير (أي: كرماً) في البلاد وإن قلوا (أي: عدداً)، كما غيرهم (قل بضم القاف وكسرها أي: قليل كرماً) وإن كثروا.
أي: عدداً ﴿وما يضلّ به إلا الفاسقين﴾ أي: الخارجين عن حدّ الإيمان بالكفر كقوله تعالى: ﴿إنّ المنافقين هم الفاسقون﴾ (التوبة، ٦٧) وتخصيص الإضلال بهم مرتباً على صفة الفسق يدل على أنه الذي أعدهم للإضلال وأدى بهم إلى الضلال بالمثل وسبب ضلالتهم به أن كفرهم وعدولهم عن الحق وإصرارهم بالباطل صرفت وجوه أفكارهم عن حكمة المثل إلى حقارة الممثل به حتى رسخت به جهالتهم وازدادت به ضلالتهم فأنكروا المثل واستهزؤوا به، وأمّا الفاسق في الشرع فهو الخارج عن أمر الله بارتكاب كبيرة أو إصرار على صغيرة ولم تغلب طاعاته على معاصيه ولا يخرجه ذلك عن الإيمان إلا إذا اعتقد حل المعصية سواء أكانت كبيرة أم صغيرة قال تعالى: ﴿وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا﴾ (الحجرات، ٩) والمعتزلة جعلوا الفاسق قسماً ثالثاً نازلاً بين منزلتي المؤمن والكافر لمشاركة كل واحد منهما في بعض الأحكام.
(١/٨٨)
---