(١٥/٢١٨)
---
﴿وعلمتم﴾ أي: على لسان محمد ﷺ ﴿ما لم تعلموا أنتم ولا آباؤكم﴾ خطاب لليهود أي: علمتم زيادة على ما في التوراة وبياناً لما التبس عليكم وعلى آبائكم الذين كانوا أعلم منكم، ونظيره أنّ هذا القرآن يقص على بني إسرائيل أكثر الذي هم فيه يختلفون يذكرهم النعمة فيما عليهم على لسان محمد ﷺ وقيل: الخطاب لمن آمن من قريش. وقوله تعالى: ﴿قل الله﴾ أنزله راجع إلى قوله تعالى: ﴿قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى﴾ أي: فإن أجابوك بأنّ الله أنزله فذاك وإلا فقل أنت الله أنزله إذ لا جواب غيره ﴿ثم ذرهم﴾ أي: اتركهم ﴿في خوضهم﴾ أي: باطلهم ﴿يلعبون﴾ أي: يستهزؤن ويسخرون، وفيه وعيد تهديد للمشركين وقال بعضهم: هذا منسوخ بآية السيف
﴿
وهذا﴾
أي: القرآن ﴿كتاب أنزلناه مبارك﴾ أي: كثير الخير والبركة دائم النفع يبشر المؤمنين بالثواب والمغفرة ويزجر عن القبيح والمعصية، وأصل البركة النماء والزيادة وثبوت الخير ﴿مصدّق الذي بين يديه﴾ أي: قبله من الكتب الإلهية المنزلة من السماء على الأنبياء لأنها مشتملة على التوحيد والتنزيه لله تعالى وعلى البشارة والنذارة فثبت بذلك كون القرآن مصدقاً لجميع الكتب المنزلة، وقوله تعالى: ﴿ولينذر﴾ قرأه شعبة بالياء على الغيبة أي: لينذر الكتاب، والباقون بالتاء على الخطاب أي: ولتنذر يا محمد ﴿أمّ القرى﴾ أي: أهل مكة وسميت أمّ القرى لأنها قبلة أهل القرى ومحجهم ومجتمعهم وأعظم القرى شأناً ولبعض المجاورين:
*فمن يلق في بعض القريات رحله ** فأمّ القرى ملقى رحالي ومنتابي*
(١٥/٢١٩)
---


الصفحة التالية
Icon