روى الحاكم وصححه أنه ﷺ قال: «إنّ الله قبض قبضة من جميع الأرض سهلها وحزنها» ـ وهو بفتح الحاء المهملة ما غلظ من الأرض وصلب أي: وعجنت بالمياه المختلفة ـ فخلق منها آدم ونفخ فيه الروح فصار حيواناً حساساً بعد أن كان جماداً فلذلك يأتي بنوه مختلفين في الألوان والأخلاق والهيئات، وأمّا على الأوّل فلا اشتقاق له لأنّ ذلك إنما يأتي في الأسماء العربية والأعجمي لا اشتقاق له، وكنيته أبو محمد وأبو البشر والمعنى أنه تعالى خلقه من أجزاء مختلفة وقوى متباعدة مستعدّاً لإدراك أنواع المدركات والمعقولات والمحسوسات والمخيلات والموهومات وألهمه معرفة ذوات الأشياء وخواصها وأسمائها وأصول العلوم وقوانين الصناعات وكيفية آلاتها. وقرأ ورش في الهمزة من آدم بالمدّ والتوسط والقصر حيث جاء، وقوله تعالى: ﴿ثم عرضهم على الملائكة﴾ الضمير فيه للمسميات المدلول عليها ضمناً في قوله تعالى: ﴿وعلم آدم الأسماء﴾ إذ التقدير أسماء المسميات كما مرّ تقريره فحذف المضاف إليه لدلالة المضاف عليه وعوض عنه اللام في الأسماء كقوله تعالى: ﴿واشتعل الرأس شيباً﴾ (مريم، ٤) لأنّ العرض للسؤال عن أسماء المعروضات فلا يكون المعروض نفس الأسماء إذ العرض لا يصح فيها لأنها من المسموعات والعرض يختص بالمحسوسات بالعين تقول: عرضت الجند عرض العين إذا مررتهم عليك ونظرت ما حالهم.
(١/٩٩)
---