الحديث وجهابذته١ بنقد ما روي، وتمييز المقبول من المردود، والغث من السمين، ولكنها مفرقة مبثوثة في كتب كثيرة، وهي تحتاج إلى جهد جهيد في الوصول إليها، وإلى صبر وأناة في تتبعها، والانتفاع بها.
أقوال الصحابة في التفسير:
وقد اختلف العلماء في أقوال الصحابة في التفسير: أهي لها حكم الرفع، أم هي موقوفة عليهم؟، فمنهم من قال: إن تفسير الصحابي له حكم المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقد قال ذلك الحاكم: في "المستدرك"٢.
وقال أبو الخطاب من كبار علماء الحنابلة: يحتمل ألا يرجع إليه، إذا قلنا: إن قوله ليس بحجة؛ قال: والصواب الأول؛ لأنه من باب الرواية لا الرأي.
وما قاله الحاكم وغيره نازعه فيه الإمام ابن الصلاح وغيره، من المحققين المتأخرين، وقالوا: إن ذلك مخصص بما فيه سبب نزول أو نحوه، مما لا دخل للرأي فيه، وأما ما يتعلق باللغة والأحكام الاجتهادية، فليس من قبيل المرفوع٣.
وقد صرح الحاكم نفسه بذلك في كتابه: "علوم الحديث" فقال: ومن الموقوفات: تفسير الصحابة، وأما من يقول: إن تفسير الصحابة مسند أي مرفوع، فإنما يقوله فيما فيه سبب نزول، فقد خصص هنا وعمم في المستدرك، فلعل هذا ما أراده في المستدرك أو رجع عنه إلى هذا.
والمحققون من العلماء كالحافظ الكبير ابن حجر: على أن أقوال الصحابة في التفسير لها حكم المرفوع إلى النبي ﷺ بشرطين:

١ جمع جهبذ بكسر الجيم والباء: النقاد الخبير العالم.
٢ كتاب قصد بتأليفه استدراك الأحاديث الصحيحة التي فاتت الشيخين: البخاري ومسلم، وهي على شرطهما، أو على شرط أحدهما، وزاد قسما ثانيا: وهو: ما أداه اجتهاده إلى تصحيحه، وإن لم يكن على شرطها ولم يسلم له كل ما قال.
٣ علوم الحديث بشرح العراقي ص ٥٣.


الصفحة التالية
Icon